الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) [البقرة : ٦٠] والمعنى : فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة ، وإن لم تكن «كما» مذكورة ، كما أن «ما تأتينا فتحدّثنا» معناه فكيف تحدثنا وإن لم تكن «كيف» مذكورة ، ا ه.
وهذا يقتضي أن «كما» ليست محذوفة ، بل أن المعنى يعطيها ، فهو تفسير معنى ، لا تفسير إعراب.
تنبيه ـ قيل : الفاء تكون للاستئناف ، كقوله [من الطويل] :
٦٠ ـ ألم تسأل الرّبع القواء فينطق |
|
[وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق](١) |
أي : فهو ينطق ، لأنها لو كانت للعطف لجزم ما بعدها ، ولو كانت للسببيّة لنصب ، ومثله : (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة : ١١٧] بالرفع ، أي فهو يكون حينئذ ، وقوله [من الرجز] :
٦١ ـ الشّعر صعب وطويل سلّمه ، |
|
إذا ارتقى فيه الّذي لا يعلمه |
٦٢ ـ زلّت به إلى الحضيض قدمه ، |
|
يريد أن يعربه فيعجمه (٢) |
أي : فهو يعجمه. ولا يجوز نصبه بالعطف ، لأنه لا يريد أن يعجمه.
والتحقيق أن الفاء في ذلك كلّه للعطف ، وأن المعتمد بالعطف الجملة ، لا الفعل ، والمعطوف عليه في هذا الشّعر قوله يريد ، وإنما يقدّر النحويّون كلمة «هو» ليبيّنوا أن الفعل ليس المعتمد بالعطف.
* (في) : حرف جرّ ، له عشرة معان :
أحدها : الظرفية ، وهي إما مكانيّة أو زمانيّة ، وقد اجتمعتا في قوله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) [الروم : ١ ـ ٤] ، أو مجازيّة ، نحو : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) [البقرة : ١٧٩] ، ومن المكانيّة «أدخلت الخاتم في إصبعي ، والقلنسوة في رأسي» إلا أن فيهما قلبا.
الثاني : المصاحبة ، نحو : (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) [الأعراف : ٣٨] أي : معهم ، وقيل : التّقدير : ادخلوا في جملة أمم ، فحذف المضاف. (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص : ٧٩].
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص ١٣٧ ، والأغاني ٨ / ١٤٦ ، وخزانة الأدب ٨ / ٢٥٤ والدرر ٤ / ٨١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ١٨٥ والدرر ٦ / ٨٦.
(٢) البيت من الرجز ، وهو للحطيئة في الأغاني ٢ / ٢٨٩ ، والمزهر ٢ / ٤١٦ ، ولرؤية في لسان العرب مادة (عجم).