الله صلىاللهعليهوآله وهو عليهالسلام شاهد على ضربتها، ولا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب. قال الشّهرستانيّ في الملل والنحل : قال إبراهيم بن سيّار النظّام : إنّ فلاناً ضرب بطن فاطمة عليهاالسلام يوم البيعة، حتّى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها! وما كان في الدّار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين.١
وكفى في مظلوميّته عليهالسلام وصيّته بإخفاء قبره عن المسلمين حذراً من هتك بني أميّة والخوارج له، فأوهموا النّاس في موضع قبره تلك اللّيلة ـ وهي ليلة دفنه ـ إبهامات مختلفة، فشدّوا على جمل تابوتاً موثقاً بالحبال يفوح منه روائح الكافور، وأخرجوه من الكوفة في سواد اللّيل، صَحِبه ثقاتهم يوهمون أنّهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة عليهاالسلام، وأخرجوا بغلاً وعليه جنازة مغطّاة يوهمون أنّهم يدفنونه بالحِيرة. وحفروا حفائر عدّة، منها بالمسجد، ومنها يرُحْبة القصر، قصر الإمارة. ومنها في حُجرة من دور آل جعدة بن هُبيرة المخزوميّ. ومنها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسريّ بحذاء باب الورّاقين ممّا يلي قبلة المسجد. ومنها في الكُناسة٢، ومنها في الثنويّة، فعُمِّي على النّاس موضع قبره، ولم يعلم دفنه على الحقيقة إلّا بنوه والخواصّ المخلصون من أصحابه، فإنّهم خرجوا به عليهالسلام وقت السّحر في اللّيلة الحادية والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين، فدفنوه في النجف بالموضع المعروف بالغَريّ بوصاة منه إليهم في ذلك وعهد، وكان عهد إليهم وعمّي موضع قبره على النّاس.٣ ومع كونه عليهالسلام أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وأوّلهم وأقدمهم إيماناً، دفن ليلاً، ولا
_______________________
١ ـ الملل والنحل ١ / ٥٩؛ العقد الفريد ٥ / ١٣؛ إثبات الإمامة ١٢٤.
٢ ـ الكناسة : محلّة في الكوفة.
٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٤ / ٨١، ٨٢.