وصُبّت عليه صلوات الله علي مظالم ومصائب من أصحابه الكوفيّين وغيرهم، واشتدّت مظلوميّته بحيث قال في ذلك : إن كانت الرَّعايا قبلي لتَشكو حَيفَ رُعاتها، وإنّني اليوم لأشكو حيف رعيّتي.١
وكان يبكي عليهالسلام حينما يتذكّر بعض هذه المظالم ويقول عليهالسلام ما لَقِي أهل نبيّ من أمّته ما لَقِينا من أمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله واللهُ المستعان على مَن ظلمنا، ولاحول ولاقوّة إلّا بالله العليّ العظيم.٢
نعم، كانت لهم أحقاد بدريّة وخيبريّة وغيرها، وابن أبي الحديد المعتزليّ عندما وصل إلى هنا، ذكر أسباباً وعللاً لتلك المظالم، قال :
واعلم أنّ كلّ دم أراقه رسول الله صلىاللهعليهوآله بسيف عليّ عليهالسلام وبسيف غيره، فإنّ العرب بعد وفاته صلىاللهعليهوآله عصبت تلك الدّماء بعليّ عليهالسلام وحده، لأنّه لم يكن في رهطه من يستحقّ في شرعهم وسنّتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدّماء إلّا بعليّ عليهالسلام وحده، وهذه عادة إذا قتل منها قتلىٰ طالبت بتلك الدماء القاتلَ، فإن مات أو تعذّرت عليها مطالبته طالبت بها أمثَل الناس من أهله.٣
عن المسيّب بن نجبة، قال : بينما عليّ يخطب، إذ قام أعرابيّ فصاح : وامَظْلَمَتاه! فاستَدناه عليّ عليهالسلام، فلمّا دنا قال له : إنّما لك مَظلَمة واحدة وأنا قد ظُلمت عدد المَدَر والوَبَر.٤
وروي أنّ عليّاً عليهالسلام وقد سمع صارخاً ينادي : أنا مظلوم! فقال عليهالسلام : هَلُمّ
_______________________
١ ـ نهج البلاغة، صبحي الصالح ٥٢٠.
٢ ـ روضة الكافي ٥٩ ـ ٦٣؛ الوافي ١٣ / ١٤.
٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ / ٣٠٠.
٤ ـ نفس المصدر ٤ / ١٠٦؛ الشافي في الإمامة ٣ / ٢٢٣ ـ ٢٢٦.