يتعادون إلى الجبل متفرّقين. بقَّطَ الرجل إذا صعد الجبل، والبقط التفرقة.١
وقال أيضاً : في حديث عمر، أنّه سأل الأسقُف عن الخلفاء، فحدّثه حتّى انتهى إلى نعت عليّ عليهالسلام فقال عمر : «صداء من حديد» أو يروى : صدع أراد دوام ليس الحديد، لاتّصال الحروب في أيّام عليّ عليهالسلام، وما مُني به مِن مقاتلة الخوارج والبغاة، وملابسة الأمور المشكلة، والخطوب المعضلة، ولذلك قال عمر : «وادفراه» تضجّراً من ذلك واستفحاشاً. ورواه أبو عبيد غير مهموز كأنّ الصدا لغة في الصدع وهو اللّطيف الجسم، أراد أنّ عليّاً عليهالسلام خفيف يخفّ إلى الحروب ولا يكسل؛ لشدة بأسه وشجاعته.٢
وقال أيضاً : ومنه حديث عليّ عليهالسلام كان إذا تَطاوَل قَدَّ، وإذا تَقاصَر قَطّ، أي قطع طولاً، وقطع عرضاً.٣
وبالجملة إنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام بلغ من القوّة والشدّة غايةً لم يبلغها أحد، حتّى قيل : إنّه كان يقطّ الهام قطّ الأقلام. وبشجاعته العظيمة نال فضيلة أخرى كبرى هي الجهاد، حتّى إنّ أكثر الفتوح كانت على يده بل كلّها، ومنها ضربته لعمرو بن عبد وَدّ التي قال فيها النّبيّ صلىاللهعليهوآله : لَضربةٌ من عليّ لعمرو بن عبد وَدّ أفضل من عمل الثقلين.٤
وهذه الشّجاعة هي الّتي أنامته على فراش النّبيّ صلىاللهعليهوآله حقتاً لدمه مع تظاهر
_______________________
١ ـ نفس المصدر ١ / ١٤٥.
٢ ـ النّهاية ٣ / ١٥ «صد».
٣ ـ نفس المصدر ٤ / ٢١ «قطّ».
٤ ـ التفسير الكبير للرازيّ ٣٢ / ٣١، في تفسير سورة القدر؛ المناقب للخوارزميّ ١٠٧؛ فردوس الأخبار ٣ / ٥٠٤، رقم ٥٤٤٥؛ المستدرك للحاكم ٣ / ١٣٢؛ المنتظم ١٧ / ١٤٩؛ معارج النبوّة، الركن الرابع ١٣٠؛ تنبيه الغافلين ٤٩؛ الطّرائف ٦٠.