أصدقكم لهجة.
وكان صلىاللهعليهوآله قد أُوتي جوامع الكَلِم وخواتمه، فلمّا ذكر لكلّ واحد فضيلة وأراد أن يجمعها لابن عمّه بلفظ واحد كما لأولئك، ذكره بلفظ يتضمّن جميع ما ذكره في حقّهم، وإنّما قلنا ذلك أنّ الفقيه لا يصلح لمرتبة القضاء حتّى يكون عالماً بعلم الفرائض والكتاب والسنّة والكتاب والحلال والحرام، ويكون ـ مع ذلك ـ صادق اللهجة، فلو قال قاضيكم عليّ، كان متضمّناً لجميع ما ذكر في حقّهم، فما ظنّك بصيغة أفعل التفضيل، وهو قوله صلىاللهعليهوآله أقضاكم عليّ. ويسمّى البطين؛ لأنّه كان بطيناً من العلم، وكان يقول : لو ثُنيت لي الوسادة لذكرت في تفسير بسم الله الرّحمٰن الرّحيم حِمل بعير.١
وقال أيضاً بإسناده : عن ابن عبّاس، قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله جالس في جماعة من أصحابه أقبل عليّ، فلمّا بَصُر به رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
قلت : تشبيهه لعليّ عليهالسلام بآدم في علمه، لأنّ الله علّم آدم صفة كلّ شيء كما قال عزّ وجلّ : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)٢، فما شيء ولا حادثة ولا واقعة إلّا وعند عليّ فيها علم، وله في استنباط معناها فهم.
وشبّهه بنوح في حكمته أو ـ في رواية أُخرى ـ في حكمه، وكأنّه أصحّ، لأنّ عليّاً عليهالسلام كان شديداً على الكافرين، رؤوفاً بالمؤمنين، كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله : (وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).٣ وخَبَّر الله
_______________________
١ ـ كفاية الطالب ١٩٦ ـ ١٩٧؛ شرح المواقف ٨ / ٣٧٠.
٢ ـ البقرة / ٣١.
٣ ـ الفتح / ٢٩.