لكنه عبر عنه بإن توبيخا لهم وإشارة الى أنهم لو تأملوا الآيات الظاهرة لصار الإسراف كأنه محال الحصول إذ هو لا يصدر عن عاقل في مثل هذه الحال.
(٤) تغليب غير من اتصف بالشرط على من اتصف به ، نحو : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)(١) ، فقد غلب من لم يرتب من المخاطبين على من ارتاب وكان يعرف الحق وينكره عنادا ، كما تستعمل أيضا في المستحيل المجزوم بنفيه على سبيل المساهلة وإرخاء للعنان لإلزام الخصم وتبكيته نحو : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ)(٢).
وتستعمل (إذا) في مواضع الشك لأغراض ، أهمها :
١ ـ الإشارة الى أن مثل ذلك الشرط لا ينبغي أن يكون مشكوكا فيه ، نحو قولك لمن قال : لا أدري أيتفضل عليّ الأمير بالنوال ، اذا تفضل عليك فكيف يكون شكرك.
٢ ـ عدم شك المخاطب.
٣ ـ تنزيل المخاطب منزلة الجازم الذي لا شك عنده.
٤ ـ تغليب الجازم على غير الجازم.
ولما كانت الأداتان لتعليق الجزاء بالشرط في الاستقبال التزم في جملتيهما الفعلية والاستقبال ، ذاك أن الشرط مفروض الحصول في المستقبل فيمتنع ثبوته ومضيه والجزاء معلق عليه ، ولا يعدل عن الاستقبال في اللفظ والمعنى إلى المعنى فقط ، إلا لنكتة ، كابراز غير الحاصل في معرض ما هو حاصل ، وذلك اما :
(١) للتفاؤل نحو : إن عشت نفعت أمتي وبلادي.
(٢) لقوة الأسباب وتوافرها ، كأن تقول حين انعقاد الشراء : إن اشتريت كان كذا.
(٣) لإظهار الرغبة في وقوعه ، فيكثر تصور المتكلم إياه ، حتى يخيل اليه ما ليس بالحاصل حاصلا ، كما تقول : إن ظفرت بحسن العاقبة فذاك ما أبغي ،
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٣.
(٢) سورة الزخرف الآية ٨١.