وعليه قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)(١) ، جيء بلفظ الماضي للدلالة على توافر الرغبة في تحصينهن.
(٤) للتعريض ، نحو : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ)(٢) ، قال في «الكشاف» : هذا كلام وارد على سبيل الفرض والتقدير ، وفيه لطف للسامعين وزيادة تحذير واستفظاع لحال من يترك الدليل بعد إنارته ويتبع الهوى.
ونظيره في التعريض : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٣) ، إذ المراد : وما لكم لا تعبدون الذي فطركم ، كما يدل عليه (تُرْجَعُونَ).
ووجه حسن التعريض وملاحته إسماع المخاطبين الحق على وجه لا يورثهم مزيد غضب ، وذلك لأنك تترك التصريح بنسبتهم الى الباطل ، وذلك أنفذ في أعماق القلوب ، حيث لا يريد المتكلم لهم إلا ما يريده لنفسه ، وهذا النوع كثير جدا في القرآن الكريم ، نحو : (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٤).
(تنبيه) قد تستعمل إن في غير الاستقبال قياسا مطردا في موضعين :
١ ـ اذا كان الشرط لفظ كان ، نحو : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا)(٥) الآية.
٢ ـ اذا جيء بها في مقام التأكيد بعد واو الحال لمجرد الربط دون الشرط نحو : علي وإن كثر ماله بخيل ، وقليلا في غير ذلك ، كقول أبي العلاء :
فيا وطني إن فإنني بك سابق |
|
من الدهر فلينعم بساكنك البال (٦) |
كما إذا إما :
__________________
(١) الفتيات الأماء ، وكان من عادتهم في الجاهلية أن يكرهوهن على تلك الفعلة الشنعاء.
(٢) سورة البقرة الآية ١٢٠.
(٣) سورة يس الآية ٢٢.
(٤) سورة سبأ الآية ٢٥.
(٥) سورة البقرة الآية ٢٣.
(٦) الغرض من ذلك التحسر ، وجواب إن محذوف ، أي : فلا لوم علي لأني تركتك كرها يدل عليه فلينعم.