الالتفات : وهو فن من البلاغة ، ملاكه الذوق السليم ، والوجدان الصادق ، ويلقب (بشجاعة العربية) لأن فيه ورود الموارد الصعبة واقتحام مضايق الأساليب.
وحقيقته التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة : التكلم ، والخطاب ، والغيبة ، بعد التعبير عنه بطريق آخر منها ، وذلك ست صور :
١ ـ فمن التكلم الى الخطاب نحو : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(١) دون (أرجع).
٢ ـ ومن التكلم الى الغيبة نحو : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(٢) دون (لنا).
٣ ـ ومن الخطاب الى التكلم نحو قول علقمة بن عبدة العجلي :
طحا بك قلب في الحسان طروب |
|
بعيد الشباب عصر حان مشيب (٣) |
تكلفني ليلى وقد شط وليها |
|
وعادت عواد بيننا وخطوب |
وكان مقتضى الظاهر يكلفك أي القلب.
٤ ـ ومن الخطاب الى الغيبة نحو : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ)(٤) دون (بكم).
٥ ـ ومن الغيبة الى التكلم نحو : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ)(٥) دون (فساقه).
٦ ـ ومن الغيبة الى الخطاب نحو : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ)(٦) دون (إياه).
__________________
(١) سورة يس الاية ٢٢.
(٢) سورة الكوثر الايتان ١ و ٢.
(٣) طحا ذهب ، وبعيد تصغير بعد ، وحان قرب ، والولي القرب ، وفاعل يكلف القلب ، أي يطالبني القلب بوصل ليلى.
(٤) سورة يونس الاية ٢٢.
(٥) سورة فاطر الاية ٩.
(٦) سورة الفاتحة الاية ٣.