١ ـ ووجه إفادة النفي والاستثناء القصر أنه اذا قيل : ما محمد ، توجه النفي الى صفته لا الى ذاته ، لأن الذوات لا تنفى ، ومن حيث إنه لا نزاع في طوله وقصره وما شاكل ذلك ، وإنما النزاع في كونه شاعرا أو كاتبا تناولهما النفي ، فإذا قيل : إلا شاعر جاء القصر ، هذا في قصر الموصوف على الصفة ، أما في قصر الصفة على الموصوف فإنه متى قيل : ما شاعر ، فأدخل النفي على الوصف المسلم ثبوته وهو الشعر لغير الشخصين اللذين الكلام فيهما كمحمد وعلي مثلا ، توجه النفي اليهما فإذا قيل : إلا محمد ، حصل القصر.
٢ ـ ووجه إفادة إنما القصر تضمنها معنى : ما وإلا ، دليل ذلك البراهين الآتية :
(أ) ما قاله النحاة من كون إنما لإثبات ما يذكر بعدها ونفي ما سواه.
(ب) ما قاله المفسرون في قوله تعالى : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ)(١) بنصب الميتة من أن المعنى : ما حرم عليكم إلا الميتة ، وهذا المعنى هو المطابق لقراءة رفع الميتة لانحصار التحريم فيها ، إذ ما في قراءة الرفع اسم موصول ، فتقدير الكلام حينئذ إن المحرم الميتة والخبر معرف بلام الجنس فيفيد الحصر كما تقدم.
(ج) صحة انفصال الضمير معها فتقول : إنما يسافر أنا ، كما تقول : ما يسافر إلا أنا ، كما قال الفرزدق :
أنا الزائد الحامي الذمار وإنما |
|
يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي (٢) |
__________________
(١) سورة النحل الآية ١٥٥.
(٢) الذود الطرد ، والذمار العهد ، وفي الأساس هو الحامي الذمار اذا حمى ما لو لم يحمه ليم وعنف ، والحسب ما يعده المرء من مفاخر نفسه وآبائه.