والمضارع المثبت يفيد الأمرين فيدل على الحصول غير الثابت من قبل كونه فعلا يدل على التجدد ، ويدل على المقارنة من جهة كونه مضارعا وهو حقيقة في الحال ، وقد ورد قليلا قرنها بالواو ، كقولهم : قمت وأصك وجهه ، وقول عبد الله بن همام السلولي :
فلما خشيت أظافيرهم |
|
نجوت وأرهنهم مالكا (١) |
فاختلفت الأئمة في تأويله ، فقيل : إنه على حذف المبدأ ، أي : وأنا أصك وأنا أرهنهم ، فهي جملة اسمية.
وقال عبد القاهر : ليست الواو فيهما للحال ، بل هي للعطف ، لأن أصك وأرهن بمعنى صككت ورهنت ، عبر فيهما بلفظ المضارع حكاية للحال الماضية (٢) كما في قوله :
ولقد أمر على اللئيم يسبّني |
|
فمضيت ثمت قلت لا يعنيني |
يدل لذلك أن الفاء قد تجيء مكان الواو في مثل هذا.
(ب) وإن كانت فعلية ذات مضارع منفي بلا أو ما استوى فيها الأمران ، فمن مجيئها بالواو قراءة بن ذكوان فاستقيما ولا تتبعان (٣) بالتخفيف ، وقول بعض العرب : كنت ولا أخشّى الذئب (٤) ، وقول مسكين الدرامي :
أكسبته الورق البيض أبا |
|
ولقد كان ولا يدعى لأب (٥) |
ومن ترك الواو قوله تعالى : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ)(٦) ، وقول خالد بن يزيد ابن معاوية :
لو أن قوما لارتفاع قبيلة |
|
دخلوا السماء دخلتها لا أحجب |
__________________
(١) الأظافير هنا الشوكة والقوة ، والمعنى : لما خفت منهم هربت وجعلت مالكا رهنا لديهم.
(٢) هي أن يفرض ما كان في الماضي واقعا الآن لغرابته أو الاعجاب به.
(٣) وإنما لم تكن للعطف لامتناع عطف الخبر على الانشاء وعلى قراءة تشديد النون ، فالواو للعطف ، ولا ناهية.
(٤) أخشى : أخوف.
(٥) الورق : الفضة.
(٦) سورة المائدة الآية ٦٤.