وعلة ذلك أن الفائدة كانت حاصلة بقوله : يسرع ، من غير ذكر الضمير ، فالاتيان به يشعر بقصد الاستئناف المنافي للاتصال ، فلا يكفي الضمير حينئذ في الربط ، بل لا بد من الواو.
وقال أيضا : إن كان الخبر في الجملة الاسمية ظرفا قد قدم على المبتدإ كقولنا جاء زيد على كتفه سيف ، وفي يده سوط ، كثر فيها أن تجيء بغير واو ، كقول بشار :
إذا أنكرتني بلدة أو نكرتها |
|
خرجت من البازي عليّ سواد (١) |
وقول أبي وائلة في عبد الملك بن المهلب :
لقد صبرت للذل أعواد منبر |
|
تقوم عليها في يديك قضيب |
والوجه أن يقدر الاسم في هذه الأمثلة مرتفعا على الفاعلية بالظرف ، فإنه جائز باتفاق صاحب «الكتاب» والأخفش لاعتماده على ما قبله.
ويقدر متعلقه على ما اختاره عبد القاهر : اسم فاعل لا فعلا ، إلا إذا قدر ماضيا مع قد.
وقال أيضا : ومما ينبغي أن يراعى في هذا الباب أنك ترى الجملة جاءت حالا بغير واو ، ويحسن ذلك من أجل حرف دخل عليها ، كقول الفرزدق :
فقلت عسى أن تبصريني كأنما |
|
بنى حواليّ الأسود الحوارد (٢) |
لأنه لو لا دخول كأن عليها لم تحسن إلا بالواو ، كأن يقال : وبني حوالي ... وشبيه بهذا أنك ترى الجملة قد جاءت حالا ، بعقب مفرد ، فلطف مكانها ، كقول ابن الرومي :
والله يبقيك لنا سالما |
|
برداك تبجيل وتعظيم (٣) |
فبرداك تبجيل في موضع حال ثانية لو لم يتقدمها قوله : سالما ، لم يحسن فيها ترك الواو.
__________________
(١) علي سواد أي بقية من الليل.
(٢) الحوارد : الغضاب ، قاله يخاطب زوجته ، وقد عيرته لأنه لا يولد له.
(٣) البرداك تثنية برد ، وهو الثوب.