لكونه فعلا ، وهذا مما يناسبه ترك الواو لمشابهته المفرد ، ودل على عدم المقارنة لكونه ماضيا ، ولأجل هذا اشترط فيه أن يكون بقد إما ظاهرة أو مقدرة ، حتى يقرب من الحال ، وهذا مما يناسبه ذكر الواو لبعده عن تلك المشابهة.
وإن كان الماضي منفيا دل على المقارنة دون الحصول ، ذاك أن لما لاستغراق النفي من حين الانتفاء الى زمن التكلم ، وغيرها لانتفاء متقدم والأصل فيه أن يستمر فيحصل بهذا الاستمرار الدلالة على المقارنة عند الانطلاق وترك التقييد بما يدل على انقطاع ذلك الانتفاء.
(ه) وإذا كانت جملة اسمية فالمشهور جواز الأمرين ، لكن مجيء الواو أولى فمن وجودها قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(١) ، وقول امريء القيس :
أيقتلني والمشرّفي مضاجعي |
|
ومسنونة زرق كأنياب أغوال |
ومن تركها ما رواه سيبويه : كلمته فوه إلى فيّ ، وما أنشده الجوهري من قول بلال :
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة |
|
بمكة حولي إذخر وجليل (٢) |
وإنما جاز الأمران ، لأن الجملة الاسمية تدل على المقارنة لكونها مستمرة ، وهذه يناسبها سقوط الواو ، لا على حصول صفة غير ثابتة لدلالتها على الدوام والثبات ، فهي بعكس الماضي المثبت ، وهذا مما يستدعي وصلها بها. وإنما كان المجيء أولى ، لأنها ليس فيها دلالة على عدم ثبوت الصفة بل هي تدل على الثبوت مع ظهور الاستئناف فيها ، إذ هي مستقلة بالفائدة فيحسن زيادة رابط يؤكد الربط ويقويه.
وقال عبد القاهر : إن (٣) كان المبتدأ ضمير ذي الحال وجبت الواو ، نحو : جاء زيد ، وهو يسرع ، أو وهو مسرع.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٢.
(٢) الاذخر نبات طيب الرائحة ، الواحد إذخرة ، والجليل النخلة العظيمة الكثيرة الحمل.
(٣) فهو يخالف المشهور في أنه حكم على غير المبدوءة بالظرف ، وغير ما دخل عليها حرف على المبتدإ وغير المعطوفة على مفرد بوجوب الواو فيها اذا بدئت بضمير ذي الحال وبجواز الأمرين فيما عدا ذلك مع أرجحية الذكر.