(الواو) ولحذفها فائدة لا توجد عند إثباتها لأن وجودها يؤذن بالتغاير بين الجملتين ، وحذفها يصير الجملتين كأنهما جملة واحدة ، وهذا من بديع الإيجاز وحسنه ، كحديث أنس بن مالك : كان أصحاب رسول الله ينامون ، ثم يصلون لا يتوضئون ، وفي رواية ولا يتوضئون ، فالحذف دل على اتصال الجملتين حتى كأن الثانية إحدى متعلقات الأولى ، فهو في حكم : ينامون ، ثم يصلون غير متوضئين ، وبذا تتم المبالغة المرادة ، وهي أنهم لا يذوقون النوم إلا غرارا.
٢ ـ حذف الجملة (١) ، وهذا يكون إما :
(أ) بحذف مسبب ذكر سببه نحو : ليحق الحق ويبطل الباطل ، أي فعل ما فعل ، ومنه قول أبي الطيب :
أتى الزمان بنوه في شبيبته |
|
فسرهم وأتيناه على الهرم |
(أي فساءنا).
(ب) عكسه نحو : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ)(٢) ، أي فضربه بها فانفجرت.
(ج) بحذف الأسئلة المقدرة ويلقب بالإستئناف ، وذلك على أنواع :
١ ـ استئناف باعادة اسم ما استؤنف عنه ، كقولك : أحسنت (٣) الى علي ، علي حقيق بالإحسان ، فتقدير المحذوف ، وهو السؤال المقدر : لماذا أحسن ، أو نحو ذلك.
٢ ـ استئناف باعادة صفته كقولك : أكرمت محمدا ، صديقك القديم أهل لذلك منك. تقدير السؤال المحذوف : هل هو حقيق بالإكرام ، والنوع الثاني أبلغ ، لاشتماله على بيان السبب الموجب للحكم كالصداقة في هذا المثال.
٣ ـ حذف الجمل وأكثر ما يرد في كلام رب العزة ، فهناك تتجلى مراتب
__________________
(١) المراد بالجملة هناك ، الكلام المستقل بالافادة ، الذي لا يكون جزء من كلام آخر ، وإلا دخل الشرط والجزاء ، وقد تقدم عد حذفهما من حذف المفرد.
(٢) سورة البقرة الاية ٦٠.
(٣) المقصود من الاخبار ، إعلام المخاطب بأنه وقع الاحسان منه الى على ، لتقرير الاحسان السابق واستجلاب الاحسان اللاحق.