أيام أبدت واضحا مفلّجا |
|
أغر براقا وطرفا أبرجا |
ومقلة وحاجبا مزججا |
|
وفاحما ومرسنا مسرجا (١) |
فالمرسن الأنف ولا يدري ما ذا أراد بوصفه بمسرج ، ومن ثم اختلف أئمة اللغة في تفسيره ، فابن دريد قال : هو من قولهم للسيوف سريجية أي منسوبة الى حداد يسمى سريجا ، فهو يريد تشبيهه بالسيف السريجي في الدقة والاستواء ، وابن سيده صاحب (المحكم) قال : هو من السراج فهو يقصد أنه شبيه به في البريق واللمعان ، وهذا قريب من قولهم : سرج وجهه بالكسر ، أي حسن ، وسرج الله وجهه ، بهّجه وحسّنه.
وعلى كلا الحالين فهو غير ظاهر الدلالة على ذلك المعنى ، لأن مادة فعّل بالتشديد إنما تدل على مجرد نسبه شيء الى آخر لا على التشبيه ، فدلالتها عليه بعيدة ، وقريب من هذا امتناع استعمال اللفظ المشترك بين معنيين فأكثر بدون قرينة لما فيه من دخول الحيرة على السامع كاستعمال اللفظ المشترك بين المعنى وضده ، إلا إذا وجدت قرينة تخصصه بالمراد ، نحو عزّر ، فإنه لفظ مشترك بين التعظيم والإهانة فلا تقول لقيت فلانا فعزرته إلا بقرينة ، ومن ثم لم يستعمله القرآن الكريم إلا مع القرينة فقال : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ)(٢) فذكر النصر قرينة على إرادة التعظيم
مخالفة القياس
كون الكلمة غير جارية على القانون الصرفي المستنبط من كلام العرب كجمع ناكس على نواكس ، بمعنى مطأطئي الرءوس في قول الفرزدق :
وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم |
|
خضع الرقاب نواكس الأبصار |
«مع أن فواعل إنما تنقاس في وصف لمؤنث عاقل ، لا لمذكر كما هنا» ، وكفك الادغام في أجلل من قول أبي النجم بن قدامة من رجّاز الإسلام :
__________________
(١) الضمير في أبدت يعود الى محبوبته ليلى في الابيات قبله وواضحا ، أي فما فيه أسنان واضحة والفلج تباعد ما بين الأسنان والأغر الابيض والبريق اللمعان والبرج بالتحريك عظم العين وحسنها والترجيح التدقيق مع تقويس ، وفاحما أي شعر اسود كالفحم.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٥٧.