وقول أبي عدي :
نحن الرؤوس وما الرؤوس اذا |
|
سمت في المجد للأقوام كالأذناب |
فإن قوله : للأقوام ، حشو لا فائدة فيه ، مع أنه غير مفسد.
(تنبيه) قال بدر الدين بن مالك في «المصباح» : يكثر الحشو بلفظ : أصبح وأمسى وعدا وإلا وقد واليوم ولعمري ويا صاحبي.
كما قال أبو تمام :
أقروا (لعمري) بحكم السيوف |
|
وكانت أحق بفصل القضا |
وكما قال البحتري :
ما أحسن الأيام إلا أنها |
|
(يا صاحبي) إذا مضت لم ترجع |
والداعي إليه إما إصلاح وزن الشعر ، أو تناسب للقوافي وحروف الروي ، أو قصد السجع في النثر.
ويكون الاطناب بأمور شتى ، منها :
١ ـ الايضاح بعد الابهام ، ليرى المعنى في صورتين مختلفتين ، وليتمكن في النفس فضل تمكن ، فإن الكلام اذا قرع السمع على جهة الابهام ذهب السامع فيه كل مذهب ، فإذا وضح تمكن في النفس فضل تمكن ، وكان شعورها به أتم ، ومنه قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ)(١).
فقوله تعالى : أن دابر هؤلاء ، تفسير لذلك الأمر ، تفخيما لشأنه ، ولو قيل : وقضينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع ، لم يكن له من الروعة مثل ما كان له حين الابهام ـ يرشد الى ذلك أنك لو قلت : هل أدلكم على أكرم الناس أبا وأفضلهم حسبا وأمضاهم عزيمة وأنفذهم رأيا ، ثم قلت : فلان ، كان أدخل في مدحه وأنبل وأفخم مما لو قلت : فلان الأكرم الأفضل.
ومن ضروبه باب : نعم وبئس ، على قول : من يجعل المخصوص خبر مبتدإ محذوف ، إذ لو أريد الاختصار لقيل : نعم وبئس أبو لهب ، عوضا من قولك : نعم الرجل محمد ، وبئس الرجل أبو لهب.
__________________
(١) سورة الحجر الآية ٦٦.