فوجه الشبه هيئة مأخوذة من أشياء بيضاء مستديرة لامعة في وسط شيء أسود ، وكقوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ)(١) فقد شبهت حال المنافقين بحال من استوقد نارا الى آخر هذه الآية ، بجامع الطمع في حصول شيء بوشرت أسبابه وهيئت وسائله ، ثم تلا ذلك الحرمان والخيبة لانقلاب الأسباب وتقويض أركانها رأسا الى عقب ، وغير التمثيل ما كان بخلاف ذلك ، نحو : فلان كالسيف في المضاء.
الفرق بين التشبيه والتمثيل
التشبيه أعم من التمثيل ، فكل تمثيل تشبيه دون عكس إذ التمثيل مختص بما كان وجه الشبه فيه منتزعا من متعدد.
وللتمثيل موقعان :
١ ـ أن يكون في مفتتح الكلام فيكون قياسا موضحا وبرهانا مصاحبا ، وهو كثير جدا في القرآن الكريم نحو : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ)(٢).
٢ ـ ما يجيء بعد تمام المعاني لإيضاحها وتقريرها فيشبه البرهان الذي تثبت به الدعوى ، كقول أبي العتاهية :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها |
|
إن السفينة لا تجري على اليبس |
تأثير التمثيل في النفس
إذا وقع التمثيل في صدر القول بعث المعنى الى النفس بوضوح وجلاء مؤيدا بالبرهان ، واذا أتى بعد استيفاء المعاني كان :
١ ـ إما دليلا على إمكانها ، كقول المتنبي :
وما أنا منهم بالعيش فيهم |
|
ولكن معدن الذهب الرغام |
٢ ـ أو تأييدا للمعنى الثابت ، كقوله :
ونار لو نفخت بها أضاءت |
|
ولكن أنت تنفخ في رماد |
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٧.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٦١.