وقوله في ذم القصر :
وترى أناملها دبت على أوتارها |
|
كخنافس دبت على أوتار |
٧ ـ استطرافه وجعله مستحدثا بديعا إما لابرازه في صورة ما يمتنع عادة كما يشبه الجمل الموقد ببحر من المسك موجه الذهب وإما لندور حضور المشبه به في النفس عند حضور المشبه كقولى ابن الرومي في تشبيه بنفسجة :
ولازوردية تزهو بزرقتها |
|
بين الرياض على حمر اليواقيت |
كأنها بين قامات ضعفن بها |
|
أوائل النار في أطراف كبريت (١) |
قال الإمام عبد القاهر : فقد أراك شبها لنبات غض يرف (٢) وأوراق رطبة من لهب نار في جسم مستول عليه اليبس ، ومبنى الطباع وموضوع الجبلة على أن الشيء إذا ظهر من مكان لم يعهد ظهوره منه ، وخرج من موضع ليس بعدن له كانت صيانة النفوس به أكثر وكان الشغف به أجدر.
ونحوه قول عدي ابن الرّفاع يصف قرن غنان :
تزجى أغن إبرة روقه |
|
قلم أصاب من الدواة مداها |
وقد يعكس التشبيه (فيجعل المشبه مشبها به وبالعكس) ، وعندئذ يجعل الأصل فرعا ، والفرع أصلا ، ويشبه الزائد بالناقص للمبالغة ، وإيهام أن المشبه أقوى وأتم من المشبه به في وجه الشبه ، فتعود الفائدة حينئذ الى المشبه به لا الى المشبه ، كقول محمد ابن وهيب يمدح المأمون :
وبدا الصباح كأن غرته |
|
وجه الخليفة حين يمتدح (٣) |
فقد جعل وجه الخليفة كأنه أعرف وأتم من غرة الصباح في الإشراق والضياء ، وقوله :
وأرض كأخلاق الكريم قطعتها |
|
وقد كحل الليل السماك فأبصرا |
__________________
(١) الواو واو رب ، واللازوردية أزهار من البنفسج ، وحمر اليواقيت الأزهار ، والقامات السيقان ، وضعفن بها : أي ضعفن عن حملها.
(٢) يرف : يهتز.
(٣) في قوله يمتدح : دلالة على اتصاف الممدوح بمعرفة حق المادح وتعظيم شأنه لدى الحاضرين بالاصغاء اليه حيث يرتاح لسماع المدائح وتظهر عليه علامات البشر والسرور.