(ب) ما كان فيه بعض الثقل كقول أبي تمام :
كريم متى أمدحه أمدحه والورى |
|
معي وإذا ما لمته لمته وحدى (١) |
وقول المتنبي :
كيف ترثي التي ترى كل جفن |
|
راءها غير جفنها غير راقي (٢) |
فتكرار الحاء والهاء المتقاربتي المخرج في بيت أبي تمام ، والجيم والراء في أكثر كلمات بيت المتنبي ، أوجب الثقل فيهما.
وقال بعض الوعاظ في كلام أورده : (حتى جنأت وجنات جنّات الحبيب) فلما سمعه بعض الحاضرين صاح وقال : سمعت جيما في جيم فصحت.
٢ ـ إيراد أفعال يتبع بعضها بعضا بدون عطف ، سواء اختلفت بين المضي والاستقبال نحو قول القاضي الأرجاني يحدث عن الشمع :
بالنار فرقت الحوادث بيننا |
|
وبها نذرت أعود أقتل روحي (٣) |
أم لم تختلف كقول المتنبي يمدح سيف الدولة :
أفل أنل أقطع احمل على سل أعد |
|
زدهش بش تفضل أدن سر صل (٤) |
فورود نذرت أعود أقتل متتابعة على تلك الشاكلة في البيت الأول جاء ثقيلا متعاظلا ، كما أن مجيء أفعال الأمر متكررة في البيت الثاني جعل للثقل فيها حظا عظيما ، فإن جاءت الأفعال مع حرف العطف لم تكن في الثقل كالأول نحو قول عبد السّلام بن رغبان المعروف بديك الجن :
احل وامرر وضر وانفع ولن واخشن وأبرر ثم انتدت للمعالي (٥).
__________________
(١) وفيه عيب آخر وهو مقابلة المدح باللوم وأنما يقابل بالذم ، وكأنه أراد أن ينفي الذم عنه بنفيه اللوم بالطريق الأولى.
(٢) وراءها رآها فحصل فيه إعلال بالقلب بتقديم الألف وتأخير الهمزة ورقا الدمع والدم انقطع ، يريد أنها لا ترحم باكيا لأنها تحسب الدمع في أجفان العشاق خلقيا.
(٣) يقول بلسان الشمع أنه ألف العسل وهو أخوه الذي ربي معه لكن النار فرقت بينه ، وأنه نذر أن يقتل نفسه بها أيضا من ألم الفراق.
(٤) أقل من الاقالة وأقطع من الأقطاع لأرض ونحوها وعل من العلو وصل ، أي بالعطية.
(٥) أبرر من قولهم أبر اليمين أمضاها على الصدق وانتدب لكذا ساسها.