لم يك الحق سوى أن هاجه |
|
رسم دار قد تعفّت بالمرر (١) |
وكالاضمار قبل الذكر لفظا ومعنى وحكما (٢) في قول حسان بن ثابت :
ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا |
|
من الناس أبقى مجده الدهر مطعما (٣) |
التعقيد
هو ألا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المعنى المراد ، ولذلك سببان ، أحدهما يرجع الى خلل في النظم والتركيب وهو التعقيد اللفظي ، وثانيهما يرجع الى المعنى وهو التعقيد المعنوي.
التعقيد اللفظي (٤)
حقيقته أن تكون الألفاظ مرتبة لا على وفق ترتيب المعاني ، فيفسد نظام الكلام وتأليفه بسبب ما يحصل فيه من تقديم وتأخير ونحو ذلك ، كتقديم الصفة على الموصوف ، والصلة على الموصول.
وهو مذموم مرفوض عند أهل البيان لأنه يوجب اختلال المعنى واضطرابه ، وذلك ضد الفصاحة التي هي ظهور وإبانة ، ومن ثم قال العتابي : الألفاظ أجساد والمعاني أرواح ، وإنما تراها بعين القلوب ، فإذا قدمت منها مؤخرا أو أخرت منها مقدما ، أفسدت الصورة وغيرت المعنى ، كما لو حوّل رأس الى موضع يد أو يد الى موضع رجل ، فإن الخلقة تتحول والحلية تتغير.
وأكثر من استعمله الفرزدق وكأنه كان يقصده لأن مثله لا يجيء إلا متكلفا ، إذ لو خلى الإنسان ونفسه تجري على سجيتها في الاسترسال لم يعرض لها شيء من هذا النوع ، فمن ذلك قوله يمدح الوليد بن عبد الملك :
__________________
(١) هاج ثار ورسم الدار أثرها وتعفت درست واضمحلت والمرر موضع.
(٢) فان تقدم الضمير لفظا وتأخر معنى جاز نحو ضرب غلامه محمد ، وكذا إن تقدم لفظا وتأخر حكما نحو نعم رجلا على.
(٣) يرثي مطعم بن عدي أحد رؤساء المشركين وكان يدافع عن النبي عليه الصلاة والسّلام.
(٤) قد يحصل التعقيد باجتماع عدة أمور موجبة لصعوبة فهم المعنى وإن كان كل منها جاريا على قانون النحو ، فلا يغني ذكر ضعف التأليف عنه.