إلى ملك ما أمه من محارب |
|
أبوه ولا كانت كليب تصاهره (١) |
يريده الى ملك أبوه ليست أمه من محارب ، فقدم وأخر حتى أبهم المعنى.
وقوله في البيت المشهور الذي جرى مجرى المثل في التعقيد يمدح به إبراهيم ابن هشام بن إسماعيل المخزومي خال هشام بن عبد الملك :
وما مثله في الناس إلا مملكا |
|
أبو أمه حمي أبوه يقاربه (٢) |
مراده : وما مثل هذا الممدوح في الناس حي يقاربه ويشبهه في الفضائل إلا مملكا أبو أم ذلك المملك أبو الممدوح ، فيكون الممدوح خال الملك ، وخلاصة ذلك أنه لا يماثله إلا ابن أخته.
فانظر رعاك الله كيف عقد المعنى ، وصار به الى النعمية دون الافصاح ، ولهذا قال الرماني : قد اجتمع في البيت أسباب الإشكال الثلاثة : سوء الترتيب وبه تغير نظام الكلام ، وسلوك الطريق الأبعد في قوله : أبوه أمه أبوه ، وكان يجزئه أن يقول : خاله ، وإيقاع مشترك الألفاظ في قوله : حي يقاربه ، لأنها لفظة تشترك فيها القبيلة والحي من سائر الحيوان بالحياة.
قال في المثل السائر ومن أقبح هذا النوع قول الآخر :
فأصبحت بعد خط بهجتها |
|
كأن قفرا رسومها قلما (٣) |
يريد فأصبحت بعد بهجتها قفرا كأن قلما خط رسومها ، ففصل بين الفعل الناقص وخبره ، وبين كأن واسمها ، وبين المضاف والمضاف اليه ، وقدم خبر كأن عليها ، وعلى اسمها.
التعقيد المعنوي
هو خفاء دلالة الكلام على المعنى المراد من أجل ما عاقها من اللوازم البعيدة والكنايات المفتقرة الى وسائط ، أو اللوازم القريبة الخفية العلاقة ، مع عدم
__________________
(١) محارب وكليب قبيلتان.
(٢) فصل فيه بين المبتدأ والخبر وهو أبو أمه أبوه بالأجنبي الذي هو حي ، وبين الموصول الصفة ، أعني حي يقاربه بالأجنبي الذي هو أبوه ، وتقديم المستثنى أعنى مملكا على المستثنى منه ، وهو حي ، وفصل كثير بين البدل وهو حي ، والمبدل منه وهو مثله.
(٣) الظاهر أنه يصف ديارا درست وعفت آثارها.