وإما متوسط نحو : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(١) ، وإما طويل نحو : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)(٢).
تنبيهات
الأول ـ أحسن السجع ما تساوت قرائنه كقوله تعالى : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)(٣) ، ثم ما طالت قرينته الثانية كقوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى)(٤) ، أو الثالثة ، نحو قوله عز وعلا : (خُذُوهُ ، فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ)(٥) ، فلا يحسن أن تكون القرينة الثانية أقصر من الأولى كثيرا ، لأن السجع إذا استوفى أمده في الأولى بطولها وجاءت الثانية أقصر منها كثيرا ، يكون كالشيء المبتور ، يؤيد ذلك الذوق السليم.
الثاني ـ الاسجاع مبنية على سكون أواخرها ، لأن المزاوجة بين الفقر في جميع الصور لا تتم إلا بالوقف ، ألا ترى أنك لو وصلت قولهم : ما أبعد ما فات ، وما أقرب ما هو آت ، لم يكن بد من إعطاء أواخر القرائن ما يستلزمه حكم الإعراب فتختلف أواخرها ويفوت السجع.
الثالث ـ يقال للجزء الواحد من السجع سجعة ، وجمعها سجعات ، وفقرة وجمعها فقر وفقرات وفقرات ، وقرينة لمقارنة أختها ، وتجمع على قرائن ، وللحرف الأخير منها حرف الروي أو الفاصلة.
الرابع ـ ربما غيرت الكلمة عن موضوعها في تصريف اللغة طلبا للسجع والمزاوجة بين الكلمة وأخواتها ، ألا ترى قوله عليهالسلام في تعويذه لابن ابنته :
__________________
(١) سورة القمر الآية ١.
(٢) سورة الأنفال الآيتان ٤٣ و ٤٤.
(٣) سورة الواقعة الآية ٢٨.
(٤) سورة النجم الآية ١.
(٥) سورة الحاقة الآية ٣٠.