«أعيذه من الهامة والسامة ، والعين اللامة» ، وأصلها الملة لأنها من ألم ، فعبر عنها باللامة لموافقة ما قبلها ، وقوله للنساء : انصرفن مأزورات غير مأجورات ، والأصل موزورات أخذا من الوزر ، لكنه قال ذلك لمكان مأجورات.
الخامس ـ يرى بعض العلماء ومنهم الباقلاني وابن الأثير كراهة إطلاق السجع على القرآن الكريم لأنه نوع من الكلام يعتمد الصنعة وقلما يخلو من التكلف والتعسف ، الى أنه مأخوذ من سجع الحمام ، وهو هديره ، وإنما يقال في مثل ذلك فواصل ، أخذا من قوله تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ)(١).
السادس ـ يرى بعضهم أن السجع غير مختص بالنثر ، بل يكون في النظم ، كقول أبي تمام يمدح أبا العباس نصر بن بسام :
تجلى به رشدي وأثرت به يدي |
|
وفاض به ثمدي وأورى به زندي (٢) |
وقول الخنساء :
حامي الحقيقة محمود الخليفة |
|
مهدي الطريقة نفاع وضرار |
جواب قاصية جزار ناصية |
|
عقاد ألوية للخيل جرار |
وقول الآخر :
ومكارم أوليتها متورعا |
|
وجرائم ألغيتها متبرعا |
ومنه على هذا الرأي التشطير ، وهو أن يجعل في كل من شطري البيت سجعتان على روى مخالف لروى سجعتي الشطر الآخر كقول أبي تمام :
تدبير معتصم بالله منتقم |
|
لله مرتغب في الله مرتقب (٣) |
فالشطر الأول محتو على سجعتين مبنيتين على الميم ، والثاني محتو على سجعتين مبنيتين على الباء.
__________________
(١) سورة فصلت الآية ٣.
(٢) قبله :
سأحمد نصرا ما حييت وإنني |
|
لأعلم أن قد جل نصر عن الحمد |
وأثرت صارت ذات ثروة ، والثمد الماء القليل ، وأورى صار ذا ورى أي نار.
(٣) مرتغب أي راغب ، ومرتقب منتظر ثوابه.