فأبو الشيص يصرح بحب الملامة من حيث اشتمال اللوم على ذكر المحبوب ، وهذا محبوب له.
والمتنبي صرح بكراهتها لصدورها من أعدائه ، وكل ما يصدر من العدو فهو مبغوض ، فكل منهما نحا منحى غير الآخر.
٨ ـ أن يؤخذ بعض المعنى ، ويضاف اليه زيادة تحسنه ، كقول الأفوه الأودي :
وترى الطير على آثارنا |
|
رأي عين ثقة أن ستمار |
مع قول أبي تمام :
لقد ظللت عقبان أعلامه ضحى |
|
بعقبان طير في الدماء نواهل (١) |
فقد أفاد الأفواه بقوله : رأى عين قربها ، لأنها اذا بعدت تخيلت ولم تر ، وهذا القرب إنما كان لتوقعها الفريسة ، وبقوله : ثقة أن ستمار ، تأكدها مما هي طامحة اليه.
أما أبو تمام فلم يحم حول هذا ، ولكنه زاد عليه قوله : إلا أنها لم تقاتل ، وقوله : في الدماء نواهل ، ثم بإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش ، ومن أجل هذا حسن أن يقول : إلا أنها لم تقاتل ، وهذه الزيادة أكسبت كلامه حسنا وطلاوة ، وإن كان قد ترك بعض ما ألم به الأفوه.
(تنبيه) الأنواع التي ليس الأخذ فيها ظاهرا مقبولة كلها ، بل منها ما يدق فيه الصنع ويخفى فيه مكان الأخذ حتى يخرج بحسن التصرف وجودة السبك من حيز الأخذ والاتباع ، الى أن يكون أشبه بالاختراع والابتداع.
أما ما يتصل بالسرقات الشعرية ، فهو : الاقتباس ، والتضمين ، والعقد ، والحل ، والتلميح :
١ ـ الاقتباس ، أن يضمن المتكلم منثوره شيئا من القرآن ، أو الحديث ،
__________________
(١) إضافة عقبان الى الأعلام من إضافة المشبه به للمشبه أي الأعلام التي هي كالعقبان في تلونها وفخامتها لأن الأعلام بمعنى الرايات فيها ألوان مختلفة كالعقبان ، وقوله بعقبان طير متعلق بظللت أي انها لزمت فوق الأعلام فألقت ظلها عليها ، والنواهل من نهل اذا روى.