لو لا الرجاء لمتّ من ألم النوى |
|
لكن قلبي بالرجاء موكل |
إن الرعية لم تزل في سيرة |
|
عمرية منذ ساسها المتوكل |
ومن الاقتضاب ما هو شبيه بالتخلص كما يقول القائلي بعد حمد الله ، أما بعد فكذا ، وكقوله تعالى : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ)(١) ، أي هذا كما ذكر ، وقول المؤلف : هذا باب ، هذا فصل.
٣ ـ الانتهاء ـ الاختتام ، هو أن يختم المتكلم كلامه بأحسن الخواتم ، إذ هي آخر ما يبقى منه في الأسماع ، وربما حفظت من بين سائر الكلام لقرب العهد بها فوجب أن تكون غاية في الجودة وألا يكون سبيل للزيادة عليها ، ولا لأن يؤتي بعدها بأحسن منها في رشاقتها وحلاوتها وقوتها وجزالتها ، مع تضمنها معنى تاما يؤذن السامع بأنه الغاية والمقصد والنهاية ، فإن دل على ما يشعر بالانتهاء سمي براعة مقطع.
ولقد ختم الله تعالى كل سورة من سور القرآن الكريم بأحسن ختام ، وأتمها بما يطابق مقصدها من أدعية أو وعد أو وعيد أو موعظة أو تحميد الى غير ذلك من الخواتم الرائعة.
وقد أجاد سلوك هذا الطريق المتأخرون ، كأبي نواس وأبي تمام والبحتري ، ولا سيما المتنبي ، فإنه أتى فيه بالعجب العجاب ، فمن ذلك قول أبي نواس في المأمون :
فبقيت للعلم الذي تهدي له |
|
وتقاعست عن يومك الأيام |
فانظر كيف تضمنت هذه الخاتمة الدعاء بالبقاء مع المدح والإعظام ، وقول أبي تمام :
فما من ندي إلا إليك محله |
|
ولا رفعة إلا اليك تسير |
وقول ثالث :
فلا حطت لك الهيجاء سرجا |
|
ولا ذاقت لك الدنيا فراقا |
وقول الأرجاني :
بقيت ولا أبقى لك الدهر كاشحا |
|
فإنك في هذا الزمان فريد |
__________________
(١) سورة ص الآية ٥٥.