وقول بعض العرب :
فغنها وهي لك الفداء |
|
إن عناء الإبل الحداء |
وقول بشار :
بكرا صاحبي قبل الهجير |
|
إن ذاك النجاح في التكبير |
(٢) أن ينزل من لا ينكر الخبر منزلة من ينكره تهكما به إذا لاح عليه شيء من أمارات الإنكار كقول حجل بن نضلة القيسي ، وهو من أولاد عم شقيق :
جاء شقيق عارضا رمحه |
|
إن بني عمك فيهم رماح |
فمجيء شقيق هكذا مدلا بنفسه معجبا بشجاعته ، واضعا رمحه عرضا (١) ، دليل على صلفه وزهوه ببسالته ، واعتقاده أنه لن يجد مقاوما من بني عمه ، حتى كأنهم عزل ليس معهم ما يدافعون به ، ومن ثم نزله منزلة المنكر ، وخاطبه بالشطر الثاني خطاب التفات بعد غيبة ، تهكما به ، ورميا له بالنزق ، وخرق الرأي.
(٣) أن يجعل المنكر كأنهم غير منكر ، فلا يعتد بإنكاره ، لأن أمامه من الدلائل الساطعة والبراهين القاطعة ، ما فيه مقنع له لو أزال تلك الغشاوة عن عينيه والتفت الى ما يحيط به ، وعليه قوله تعالى خطابا لمنكري الوحدانية : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)(٢) إذ العقل قاض بأن تعدد الآلهة يقتضي تخالف أفعالهم لاختلاف علومهم وإرادتهم ، وكل منهم له التصرف في السموات والأرض ، والقدرة على إيجاد الممكنات فتتضارت أفعالهم ويفسد نظام الكون ، والمشاهد أنه على أتم نظام ، فهو الواحد لا شريك له.
(٤) أن ينزل العالم بالفائدة ولازمها منزلة الجاهل لعدم جريه على موجب العلم (وهو العمل به) كما تقول لمن يسيء الى أبيه ويقسو عليه : هذا أبوك فأحسن اليه. فكأنك تقول له : إن هذه المعاملة لتدل على أنك تجهل أبوته لك.
وهذا كله اعتبارات الإثبات ، وقس عليه اعتبارات النفي كقولك : ليس زيد منطلقا وبمنطلق ، وو الله ليس على المنطلق ، وهكذا.
__________________
(١) بأن يجعل الرمح على فخذيه وهو راكب بحيث يكون عرضه جهة العدو.
(٢) سورة البقرة الآية ١٦٣.