في الرواية المرسلة التي بعدها (١) بالتخيير ، والمورد واحد ، وروايته المنقولة عن الاحتجاج (٢) ايضا موردها المتناقضان مع انه حكم فيها بالإرجاء.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه يمكن ترجيح الوجه الأول بقوله (عليهالسلام) في حديث الميثمي (٣) : «فردوا علمه إلينا ولا تقولوا فيه بآرائكم». فإن ظاهره المنع عن الإفتاء والحكم خاصة ، ولا ينافيه التخيير في الفعل تسليما لهم (عليهمالسلام) وعليه يدل ظاهر رواية الحرث بن المغيرة (٤) فإن ظاهرها انه متى كان نقلة الحديث كلهم ثقات فموسع عليك في العمل بقول كل منهم حتى ترى القائم فترد اليه الحكم والفتوى في ذلك ، وإلا فلا معنى للسعة المذكورة سيما لو كان الفرض إلجاء الحاجة الى العمل بأحدهما بل هو ضيق ، ومثلها موثقة سماعة (٥) فإن ظاهر قوله : «فهو في سعة حتى يلقاه». مفرعا على الإرجاء المشعر ذلك باختلاف متعلقيهما أن السعة إنما هي باعتبار التخيير بين الفعل وعدمه والإرجاء باعتبار الحكم خاصة. إلا ان هذه الرواية محتملة لاحتمال آخر ايضا.
وعندي ان مرجع كل من الوجه الأول والثاني عند التأمل والتحقيق بالنظر الدقيق إلى أمر واحد. وذلك فان حمل الإرجاء على الفتوى والتخيير على العمل (٦) ـ
__________________
(١) المتقدمة في الصحيفة ٩٤ السطر ١.
(٢) المتقدمة في الصحيفة ٩٢ السطر ٩.
(٣) المتقدم في الصحيفة ٩٤ السطر ٣.
(٤) المتقدمة في الصحيفة ٩٦ السطر ٥.
(٥) المتقدمة في الصحيفة ٩٣ السطر ١٦.
(٦) إذ الفرض ان الخبرين متناقضان ، أحدهما يأمر والآخر ينهى ، ومتعلق الأمر والنهى شيء واحد ، فارجاء العمل بكل منهما مما لا سبيل اليه كما تقتضيه قضية التناقض بل لا بد من وقوع أحدهما فلا يمكن حينئذ تعلق الإرجاء بالنسبة إلى العمل بهما معا. واما الاحتمال المذكور في موثقة سماعة فهو ان الإرجاء بترك الفعل لا بترك الخبرين معا بناء