في الحكم الشرعي ، إذ هو معلوم في تلك الافراد في حد ذاتها ، وإنما الجهل في موضوعه ومتعلقة وهو ذلك الفرد المشكوك في اندراجه تحت أحد الطرفين. أما بالنسبة إلى الجهل بالحكم الشرعي ـ كالجهل بحكم نطفة الغنم هل هي نجسة أو طاهرة؟ ـ فهل يحكم بطهارتها بالخبر المذكور (١) أم لا؟ قولان ، وبالثاني صرح المحدث الأمين الأسترآبادي في كتاب الفوائد المدنية ، وبالأول صرح جملة من متأخري المتأخرين.
وأنت خبير بان القدر المتيقن فهمه من الخبر المذكور (٢) هو ما وقع الاتفاق عليه ، إذ الظاهر ـ والله سبحانه وقائله أعلم ـ ان المراد من هذا الخبر وأمثاله إنما هو دفع الوساوس الشيطانية والشكوك النفسانية بالنسبة إلى الجهل بملاقاة النجاسة ، وبيان سعة الحنيفية السمحة السهلة بالنسبة إلى اشتباه بعض الافراد الغير المحصورة ببعض ، فيحكم بطهارة الجميع حتى يعلم الفرد النجس بعينه ، واما اجراء ذلك في الجهل بالحكم الشرعي فلا يخلو من الاشكال المانع من الجرأة على الحكم به في هذا المجال.
وما ذكره بعض فضلاء متأخري المتأخرين ـ من ان الجهل بوصول النجاسة يستلزم الجهل بالحكم الشرعي ، قال : «فان المسلم إذا أعار ثوبه الذمي وهو يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ثم رده عليه ، فهو جاهل بان مثل هذا الثوب الذي هو مظنة النجاسة هل هو مما يجب التنزه عنه في الصلاة وغيرها مما يشترط فيه الطهارة أو لا؟ فهو جاهل بالحكم الشرعي مع انه (عليهالسلام) قرر في الجواب قاعدة كلية بأنه ما لم تعلم نجاسته فهو طاهر» ـ مردود بان الجهل بالحكم الشرعي في المثال المذكور ونحوه تابع للجهل بوصول النجاسة ، ولما دل الخبر المذكور (٣). وغيره على البناء على أصالة الطهارة وعدم الالتفات الى احتمال ملاقاة النجاسة أو ظنها بإعارة الثوب مثلا. علم منه قطعا جواز الصلاة فيه تحقيقا للتبعية ، ومحل الاشكال والنزاع إنما هو الدلالة على الحكم الشرعي ابتداء كما لا يخفى.
__________________
(١ و ٢ و ٣) وهو موثق عمار المتقدم في الصحيفة ١٣٤ السطر ٨.