الاصطلاح. على انه متى كان السبب الداعي إنما هو دس الأحاديث المكذوبة كما توهموه (رضوان الله عليهم) ففيه انه لا ضرورة تلجئ الى اصطلاحهم ، لأنهم (عليهمالسلام) قد امرونا بعرض ما شك فيه من الاخبار على الكتاب والسنة فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما ، فالواجب في تمييز الخبر الصادق من الكاذب مراعاة ذلك ، وفيه غنية عما تكلفوه ، ولا ريب ان اتباع الأئمة (عليهمالسلام) اولى من أتباعهم.
(الثاني) ان التوثيق والجرح الذي بنوا عليه تنويع الاخبار إنما أخذوه من كلام القدماء ، وكذلك الأخبار التي رويت في أحوال الرواة من المدح والذم إنما أخذوها عنهم ، فإذا اعتمدوا عليهم في مثل ذلك فكيف لا يعتمدون عليهم في تصحيح ما صححوه من الاخبار واعتمدوه وضمنوا صحته كما صرح به جملة منهم ، كما لا يخفى على من لاحظ ديباجتي الكافي والفقيه وكلام الشيخ في العدة وكتابي الأخبار فإن كانوا ثقاتا عدولا في الاخبار بما أخبروا به ففي الجميع ، وإلا فالواجب تحصيل الجرح والتعديل من غير كتبهم وأنى لهم به (لا يقال) (١) إن أخبارهم بصحة ما رووه في كتبهم يحتمل الحمل على الظن القوي باستفاضة أو شياع أو شهرة معتد بها أو قرينة أو نحو ذلك مما يخرجه عن محوضة الظن (لأنا نقول) فيه (أولا) ان أصحاب هذا الاصطلاح مصرحون بكون مفاد الاخبار عند المتقدمين هو القطع واليقين وانهم إنما عدلوا عنه الى الظن لعدم تيسر ذلك لهم كما صرح به في المنتقى ومشرق الشمسين
__________________
(١) هذا أحد الأجوبة التي أجابوا بها فيما ذكرنا ، صرح به شيخنا أبو الحسن (قده) في كتاب العشرة الكاملة ، حيث انه في الكتاب المذكور كان شديد التعصب لهذا الاصطلاح وترويج القول بالاجتهاد ، الا ان مصنفاته الأخيرة تدل على عدوله عن ذلك وميله الى العمل بالاخبار ، وان كان دون طريقة الأخباريين بل من الجادة الوسطى التي قدمنا الإشارة إليها (منه رحمهالله).