سليمان البحراني (قدسسرهما) انه كان يقول : «لو ورد علينا في مثل هذه المسألة ألف حديث لما عملنا به ، لانه معارض لما قام عليه الدليل العقلي والنقلي من عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة».
وهو ـ كما ترى ـ اجتهاد صرف وتعصب بحت ، فان الدليل النقلي ـ المطابق للدليل العقلي الذي هو عبارة عما دل من الاخبار على وجوب بذل العلم ، كقوله (عليهالسلام) : «ان الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم» (١). وما اشتهر من قوله (صلىاللهعليهوآله) : «من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار». الى غير ذلك ـ مخصوص بما رواه ثقة الإسلام في الكافي (٢) بسنده الى عبد الله بن سليمان قال : «سمعت أبا جعفر (عليهالسلام) يقول ، وعنده رجل من أهل البصرة ـ يقال له عثمان الأعمى ـ وهو يقول : ان الحسن البصري يزعم ان الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم أهل النار. فقال أبو جعفر (عليهالسلام) : فهلك اذن مؤمن آل فرعون ، ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا ، فليذهب الحسن يمينا وشمالا فوالله ما يوجد العلم إلا ههنا». ونحوه روى في كتاب بصائر الدرجات ولعل الحسن البصري ـ حيث انه من جملة النصاب ورؤوس ذوي الأذناب ـ كان يعرض بهم (عليهمالسلام) في عدم جوابهم عن بعض الأسئلة كما تدل عليه الاخبار السابقة (٣).
وفي هذين الخبرين دلالة على جواز تأخير البيان مع التقية حتى بالنسبة إلى غيرهم ايضا ، وحينئذ فتلك القاعدة وما يطابقها من الأخبار مخصصة بما ذكرناه من الأخبار.
وكأن شيخنا العلامة المشار اليه قصر النظر على عموم الأخبار المتقدمة من حيث
__________________
(١) تقدم الكلام في هذا الحديث في التعليقة ٣ في الصحيفة ٨١.
(٢) في باب النوادر من كتاب فضل العلم وهو الحديث ١٥ منه.
(٣) المشار إليها في الصحيفة ١٦٠ السطر ٦.