وربما يتخلف ذلك في بعض افراد النابع كالقليل الذي يخرج بطريق الترشح (١) فان العلم بوجود المادة فيه عند ملاقاة النجاسة مشكل ، لانه يترشح آنا فآنا ، فليس له فيما بين الزمانين مادة ، وهذا يقتضي الشك في وجودها عند الملاقاة فلا يعلم حصول الشرط واللازم من ذلك الحكم بالانفعال بها عملا بعموم ما دل على انفعال القليل ، لسلامته حينئذ عن معارضة وجود المادة ، ولا يخفى ان اشتراط استمرار النبع يخرج مثل هذا ولولاه لكان داخلا في عموم النابع ، لصدق اسمه عليه. وهذا التقريب وان اقتضى تصحيح الاشتراط المذكور في الجملة إلا انه ليس بحاسم لمادة الإشكال ، من حيث ان ما هذا شأنه في عدم العلم بوجود المادة له عند الملاقاة ربما حصل له في بعض الأوقات قوة بحيث يظهر فيه اثر وجود المادة ، واللازم حينئذ عدم انفعاله ، مع ان ظاهر الشرط يقتضي نجاسته. ويمكن ان يقال : ان الشرط منزل على الغالب من عدم العلم بوجود المادة في مثله وقت الملاقاة ، ويكون حكم ذلك الفرض النادر محالا على الاعتبار ، وهو شاهد بمساواته للمستمر» انتهى كلامه زيد مقامه.
وفسر بعض الفضلاء المحدثين من متأخري المتأخرين النابع على وجوه :
(أحدها) ـ ان ينبع الماء حتى يبلغ حدا معينا ثم يقف ولا ينبع ثانيا إلا بعد إخراج بعض الماء.
و (ثانيها) ـ ان لا ينبغ ثانيا إلا بعد حفر جديد كما هو المشاهد في بعض الأراضي.
و (ثالثها) ـ ان ينبغ الماء ولا يقف الى حد كما في العيون الجارية ، قال : «وشمول الأخبار المستفاد منها حكم الجاري للوجه الثاني غير واضح ، فيبقى تحت
__________________
(١) هذا الكلام مما يدل على كون الماء الخارج بطريق الرشح من جملة النابع كما صرحنا به في المقالة الأولى (منه قدسسره).