وقد قرن الحياض والأواني في تلك العبارة بالبئر ، مع ان مذهبه فيها النجاسة وان بلغت كرا ، إلا انه ربما ظهر ذلك من كلام الشيخ أخيرا عند شرح قوله في المقنعة : «والمياه إذا كانت في آنية محصورة فوقع فيها نجاسة ، لم يتوضأ منها ووجب اهراقها» فقال الشيخ (رحمهالله) : «يدل على ذلك ما قدمنا ذكره من ان الماء متى نقص عن الكر فإنه ينجس بما يحله من النجاسات ، وإذا ثبت نجاسته فلا يجوز استعماله بلا خلاف» فإنه يدل بظاهره على انه فهم من عبارة المقنعة في الموضعين التخصيص بما نقص عن الكر ، ولعله فهم ذلك من خارج ، وإلا ففهم هذا المعنى من العبارة الاولى في غاية البعد ، لما عرفت. والظاهر ان هذا الكلام هو الحامل لشيخنا المشار اليه على الحمل الذي قدمنا نقله عنه إلا انه لم يشر اليه.
هذا. وظاهر عبارة النهاية أيضا موافقة الشيخ المفيد في الأواني. حيث قال : «والماء الراكد على ثلاثة أقسام : مياه الغدران والقلبان والمصانع. ومياه الأواني المحصورة ، ومياه الآبار. فاما مياه الغدران والقلبان ، فان كان مقدارها الكر فإنه لا ينجسها شيء إلا ما غير لونها أو طعمها أو ريحها ، وان كان مقدارها أقل من الكر فإنه ينجسها كل ما يقع فيها من النجاسة. واما مياه الأواني المحصورة فإن وقع فيها شيء من النجاسة أفسدها ولم يجز استعمالها» انتهى ملخصا. ثم ذكر بعد ذلك أحكام البئر.
وأنت خبير بان التفصيل بالكرية وعدمها ـ في القسم الأول وطي الكشح عنه في الثاني ـ ظاهر في الحكم بالنجاسة في الثاني مطلقا ، ولم يتعرض الأصحاب لنقل ذلك عنه في أقوال المسألة.
وحكى جملة من الأصحاب عن الشيخ المفيد وسلار في الاحتجاج على ذلك التمسك بعموم النهي عن استعمال مياه الأواني مع ملاقاة النجاسة. وردوه بان العموم ـ على تقدير ثبوته ـ مخصوص بصورة القلة ، جمعا بين الأخبار والعمومات وان تعارضت من الطرفين ،