و (رابعها) ـ ما فيه من الجمع بين الرواية المذكورة (١) وبين صحيحة محمد ابن مسلم عن ابى عبد الله (عليهالسلام) (٢) قال : «والكر ستمائة رطل». بحملها على أرطال مكة ، إذ لم يذهب أحد إلى حملها على الأرطال العراقية أو المدنية ، والرطل المكي رطلان بالعراقي.
و (خامسها) ان الأصل طهارة الماء خرج ما نقص عن الأرطال العراقية بالإجماع ، فيبقى الباقي.
ويرد على الأول ما تقدم في المقدمة الحادية عشرة (٣) في معنى الحديث المذكور ومرت إليه الإشارة أيضا في المقالة الرابعة من الفصل الأول (٤) ونزيده هنا بيانا وتأكيدا فنقول : ان الجهل هنا ـ الذي هو عبارة عن عدم العلم بالقذارة الموجب للتمسك بأصالة الطهارة حتى تعلم النجاسة ـ اما ان يكون متعلقا بإصابة النجاسة للماء ، بمعنى ان المكلف يجهل إصابة النجاسة للماء ولا يعلمها ، واما ان يكون متعلقا بالنجاسة ، بمعنى انه يجهل كون هذا الشيء موجبا للتنجيس ، واما يجهل الحكم بالتنجيس بان يعلم ملاقاة النجاسة لكن يشك في تأثيرها كموضع البحث. ومقتضى الدليل العقلي ـ الدال على امتناع تكليف الغافل عن الخطاب بلزوم تكليف ما لا يطاق ، والنقلي الدال على ذلك كنفي الحرج ـ انما يقوم على العذر بالنسبة إلى القسم الأول دون الأخيرين. واخبار معذورية الجاهل خاصها وعامها إنما تدل على الأول وهو الجاهل المحض ، دون العالم بالنجاسات وإفرادها وما يترتب على الملاقاة من الحكم ، فربما علم بالملاقاة لكن
__________________
(١) وهي صحيحة محمد بن ابى عمير المتقدمة في الصحيفة ٢٥٤.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ١١ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.
(٣) في الموضع الأول في الصحيفة ١٣٤.
(٤) في الصحيفة ١٩٠.