وعدمه. ومن ذلك تطرقت إليها الاحتمالات ، ولكن الناظر البصير والناقد الخبير إذا ضم بعضها الى بعض وأمعن النظر في عباراتها وما تفيده بصريحها واشاراتها ظهر له صحة ما ندعيه.
وتوضيح هذه الجملة أن نقول : الذي ظهر لنا ـ بعد إمعان النظر في الأدلة المتوهم منها المخالفة ـ أن جلها إنما ورد في السؤال عن مياه الحياض ومياه الغدران ومياه الطرق ، من حيث عموم الحاجة إليها سيما في الاسفار ، وعموم البلوى بها وإلجاء الضرورة للانتفاع بها ، وانها حيث كانت معرضا لتلك الأشياء المصرح بها في تلك الأخبار من رمي الجيف فيها وشرب الكلاب والسباع منها وبول الدواب والناس فيها ونحو ذلك فمن أجل ذلك كثر السؤال عنها ، وفي بعض تلك الاخبار قد صرح بالماء المسؤول عنه بأنه ماء غدير أو ماء حوض أو نحوهما ، وفي بعض وان لم يصرح إلا انه يعلم من الرواية بالقرائن انه من ذلك القبيل. كصحيحة حريز (١) «كلما غلب الماء على ريح الجيفة.». وصحيحة محمد بن مسلم (٢) «سأل عن ماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب. إلخ». فإن ماء يكون معرضا لهذه الأشياء لا يكون إلا في مياه الطرق لكونها مشاعة غير محروزة كما لا يخفى على المتأمل المنصف دون المكابر المتعسف. وسوق تلك الروايات الباقية على ذلك المنوال مؤيد لذلك.
إذا عرفت ذلك فنقول : من الغالب ـ والوجدان يقضي به ايضا ـ ان تلك المياه لا تنفك عن بلوغ الكرور المتعددة فضلا عن كر واحد. وربما كان لهم (عليهمالسلام) علم ببعض تلك الأماكن المسؤول عنها وانها كذلك. فأجابوا باعتبار التغير وعدمه ، وربما أجابوا عن ذلك ببلوغ الكرية وعدمه. كما في صحيحة محمد
__________________
(١) المتقدمة في الصحيفة ٢٩٠.
(٢) المتقدمة في الصحيفة ٢٨١.