الشرعية والمعارف الآلهية بدونهم لصدق الافتراق ولو في الجملة.
ويؤيد ذلك ايضا قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : «القرآن كتاب الله الصامت وأنا كتاب الله الناطق» (١). فلو فهم معناه بدونه (عليهالسلام) لم يكن لوصفه بكونه صامتا معنى (٢).
ولا يخفى على الفطن المنصف صراحة هذه الأدلة في المدعى ، وظني ان ما يقابلها مع تسليم التكافؤ لا صراحة له في المعارضة.
فمن ذلك ـ الأخبار الواردة بعرض الحكم المختلفة فيه الأخبار على القرآن والأخذ بما يوافقه وطرح ما يخالفه. ووجه الاستدلال انه لو لم يفهم منه شيء إلا بتفسيرهم (عليهمالسلام) انتفى فائدة العرض. والجواب انه لا منافاة ، فإن تفسيرهم (عليهمالسلام) إنما هو حكاية مراد الله تعالى فالأخذ بتفسيرهم أخذ بالكتاب ، واما ما لم يرد فيه تفسير عنهم (صلوات الله عليهم) فيجب التوقف فيه وقوفا على تلك الأخبار وتقييدا لهذه الاخبار بها.
ومن ذلك الآيات ، كقوله سبحانه : «وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ...» (٣) وقوله : «ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ...» (٤) وقوله : «لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
__________________
(١) وقد رواه في الوسائل في الباب ـ ٥ ـ من أبواب صفات القاضي وما يقضى به من كتاب القضاء هكذا : «هذا كتاب الله الصامت وانا كتاب الله الناطق».
(٢) ومن ذلك ايضا ما ورد من ان القرآن مشتمل على الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والخاص والعام والمطلق والمقيد والمجمل والمفصل والتقديم والتأخير والتغيير والتبديل ، واستفادة الأحكام الشرعية من مثل ذلك لا يتيسر إلا للعالم بجميع ما هنالك وليس إلا هم (عليهمالسلام) خصوصا الآيات المتعلقة بالأحكام الشرعية ، فإنها لا تخرج عن هذه الأقسام المذكورة (منه قدسسره).
(٣) سورة النحل. آية ٨٩.
(٤) سورة الانعام. آية ٣٨.