يَسْتَنْبِطُونَهُ ...» (١) وقوله : «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها» (٢).
والجواب ان الآيتين الأوليين لا دلالة فيهما على أكثر من استكمال القرآن لجميع الأحكام وهو غير منكور ، وأما كون فهم الأحكام مشتركا بين كافة الناس كما هو المطلوب بالاستدلال فلا ، كيف؟ وجل آيات الكتاب سيما ما يتعلق بالفروع الشرعية كلها ما بين مجمل ومطلق وعام ومتشابه لا يهتدى منه ـ مع قطع النظر عن السنة ـ إلى سبيل. ولا يركن منه الى دليل. بل قد ورد من استنباطهم (عليهمالسلام) جملة من الأحكام من الآيات ما لا يجسر عليه سواهم ولا يهتدى إليه غيرهم ، وهو مصداق ما تقدم من قولهم : «ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن». كالأخبار الدالة على حكم الوصية بالجزء من المال ، حيث فسره (عليهمالسلام) بالعشر مستدلا بقوله سبحانه : «ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ...» (٣) وكانت الجبال عشرة ، والوصية بالسهم. حيث فسره بالثمن لقوله سبحانه : «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ... الآية» (٤) والنذر بمال كثير. حيث فسره (عليهالسلام) بالثمانين لقوله تعالى : «فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ...» (٥) وكانت ثمانين موطنا ، وأمثال ذلك مما يطول به الكلام.
واما الآية الثالثة فظاهر سياق ما قبلها وهو قوله : «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ...» يدل على كون المستنبطين هم الأئمة (عليهمالسلام) وبذلك توافرت الأخبار عنهم (عليهمالسلام) ، ففي الجوامع عن الباقر (عليهمالسلام) : «هم الأئمة المعصومون». والعياشي عن الرضا (عليهالسلام) : «يعني آل محمد وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام». وفي الإكمال عن الباقر (عليهالسلام) مثل ذلك. وقد تقدم في بعض الاخبار التي قدمناها ما يشعر
__________________
(١) سورة النساء. آية ٨٣.
(٢) سورة محمد (صلىاللهعليهوآله). آية ٢٤.
(٣) سورة البقرة. آية ٢٦٠.
(٤) سورة التوبة. آية ٦٠.
(٥) سورة التوبة. آية ٢٥.