بذلك ايضا. واما الآية الرابعة فانا ـ كما سيتضح لك ـ لا نمنع فهم شيء من القرآن بالكلية ليمتنع وجود مصداق الآية ، فإن دلالة الآيات ـ على الوعد والوعيد والزجر لمن تعدى الحدود الإلهية والتهديد ـ ظاهر لامرية فيه ، وهو المراد من التدبر في الآية كما ينادي عليه سياق الكلام.
والقول الفصل والمذهب الجزل في ذلك ما أفاده شيخ الطائفة (رضوان الله عليه) في كتاب التبيان وتلقاه بالقبول جملة من علمائنا الأعيان ، حيث قال بعد نقل جملة من اخبار الطرفين ما ملخصه : والذي نقول : ان معاني القرآن على أربعة أقسام : (أحدها) ـ ما اختص الله تعالى بالعلم به. فلا يجوز لأحد تكلف القول فيه (وثانيها) ـ ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه فكل من عرف اللغة التي خوطب بها عرف معناه. مثل قوله : «وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلّا بِالْحَقِّ ...» (١) (وثالثها) ـ ما هو مجمل لا ينبئ ظاهره عن المراد به مفصلا مثل قوله «أَقِيمُوا الصَّلاةَ ...» (٢) ثم ذكر جملة من الآيات التي من هذا القبيل وقال : انه لا يمكن استخراجها إلا ببيان من النبي (صلىاللهعليهوآله) (ورابعها) ـ ما كان اللفظ مشتركا بين معنيين فما زاد عليهما ويمكن ان يكون كل واحد منهما مرادا. فإنه لا ينبغي ان يقدم أحد فيقول ان مراد الله بعض ما يحتمله إلا بقول نبي أو إمام معصوم ، الى آخر كلامه «زيد في إكرامه» وعليه تجتمع الاخبار على وجه واضح المنار. ويؤيده ما رواه (٣) في الاحتجاج
__________________
(١) سورة الانعام. آية ١٥١.
(٢) سورة الانعام. آية ٧٢.
(٣) ومنه ما روى ان الحسن (عليهالسلام) تلا قوله سبحانه : «وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ» فقال معاوية : اين قصة لحيتي ولحيتك في الكتاب. وقد كان الحسن (عليهالسلام) حسن اللحية وكان معاوية قبيحها ، فقال (عليهالسلام) : «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلّا نَكِداً». وما روى في حديث ابى الجارود قال قال أبو جعفر (عليهالسلام) : «إذا حدثتكم بشيء فاسألوني من كتاب الله» ثم قال في بعض حديثه : «ان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) نهى عن القيل والقال