ومرجع الدليل الأول الى ما قدمنا الإشارة إليه في المقدمة العاشرة (١) من ان التمسك بالبراءة الأصلية ـ فيما لم يعثر فيه على نص بعد الفحص والتفتيش مما يعم به البلوى من الأحكام ـ حجة واضحة. والأصل هنا براءة الذمة من التكليف بتطهير هذه الأشياء بعد تمام النزح. الا ان الاحتياط في تطهير المباشر ثيابه وبدنه خروجا من احتمال المحذور ، وتطهير الباقي أيضا نور على نور.
وأظهر من ذلك اجراء الوجه المذكور في جوانب البئر بالنسبة الى ما يتساقط حال النزح ، فإنه يحكم بطهارته لعين ما ذكر. وربما يظهر من بعض العبارات الحكم بالعفو عنه حال تساقطه ، معللا ذلك بالمشقة المنفية. وهو بعيد. والتعليل ممنوع بالحكم بالطهارة بعد تمام النزح كما قلنا. ولعل ذلك كله من مؤيدات القول بعدم انفعال البئر بالملاقاة ، للسلامة من هذه التكلفات.
(الرابع) ـ صرح جملة من الأصحاب (نور الله تعالى مضاجعهم) بأنه لا يعتبر الدلو في النزح لازالة التغير ولا في نزح الجميع ، إذ الغرض في الموضعين إخراج الماء وهو يصدق بأي وجه اتفق ، ومثله في نزح الكر. اما في نزح المقدرات فهل يتعين نزحه بالدلو ، أو تكفي آلة تسع العدد دفعة أو دفعات؟ قولان : اختار أولهما ـ المحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى والتحرير ، والشهيد في الدروس والبيان ، والشهيد الثاني أيضا. وثانيهما ـ العلامة في أكثر كتبه ، والشهيد في الذكرى ، والمحقق الشيخ حسن في المعالم ، وغيرهم.
احتج القائلون بالثاني بان الأمر بالنزح وارد على الماء والدلاء مقدار ، فيكون
__________________
(١) كذا فيما وقفنا عليه من النسخ المطبوعة والمخطوطة ، والصحيح (الحادية عشرة) وذلك في الصحيفة ١٥٥.