مقدورا للمكلف ، والأمر بالطهارة خال من الاشتراط. فلا يجوز تقييده إلا بدليل ثم قال : «والأصح مختار المصنف».
أقول : أنت خبير بأنه لا خلاف في ان الطهارة المائية مشروطة بوجدان الماء كما يدل عليه قوله سبحانه (١) : «... فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ...» (٢) وحينئذ فلا معنى لقوله : «ان الأمر بالطهارة خال من الاشتراط».
وبعض فضلاء متأخري المتأخرين (٣) دفع كلام فخر المحققين بان وجدان الماء صادق عرفا على ما نحن فيه قبل المزج ، فشرط الطهارة المائية وهو وجدان الماء موجود ، قال : «وهو ليس بأبعد من الوجدان فيما إذا أمكن حفر بئر مثلا ، والظاهر انه لا نزاع في انه إذا أمكن حفر بئر ـ مثلا ـ لتحصيل الماء وجب ، فلم لم يحكم بالوجوب هنا ،
__________________
(١) في سورة النساء. الآية ٤٦. وسورة المائدة. الآية ٨.
(٢) فإنه يدل على ان الفرض عند عدم وجدان الماء هو التيمم. ومنه يعلم ان وجوب الطهارة بالماء مشروط بوجدانه (منه رحمهالله).
(٣) هو الفاضل الخوانساري في شرح الدروس. وقال أيضا في موضع آخر ـ بعد ان ادعى صدق وجدان الماء عرفا على ما نحن فيه وانه في العرف يقولون انه واجد للماء ـ ما لفظه : «وهذا نظير ما إذا فرض ان شرط الحج هو الزاد والراحلة وكان لأحد مال غير الزاد والراحلة ولكن أمكنه أن يشتريهما به ، فإنه في العرف يقولون انه واجد للزاد والراحلة وان شرط وجوب الحج متحقق ، بخلاف ما إذا لم يكن له مال أصلا ولكنه يقدر على الاكتساب ، إذ حينئذ لا يقولون ان شرط الحج متحقق» انتهى. وفيه ان الظاهر ان التنظير المذكور ليس في محله ، إذ لا يخفى ان وجدان الماء الذي لا يقوم بالطهارة في حكم العدم لوجوب الانتقال الى التيمم بالنظر اليه ، فمزجه بالماء المضاف ليحصل به إيجاد الماء المطلق الموجب للطهارة أشبه شيء بالاكتساب بتقريب ما قالوه في قبول هبة ما يستطيع به الحج من انه نوع اكتساب فلا يجب عليه. ولا ريب ان ما نحن فيه أدخل في الاكتساب في الاحتمال فيكون حينئذ من قبيل ما إذا لم يكن له مال للاستطاعة ولكنه يقدر على الاكتساب لا من قبيل ما ذكره. ونظير ما ذكره انما هو من له مال يمكنه ان يشترى به ماء كما لا يخفى (منه رحمهالله).