قيل : ويمكن أن يحتج عليه باستصحاب النجاسة حتى يثبت المزيل.
وأجيب بأن التمسك بالاستصحاب هنا مشكل ، إذ ثبوت أصل النجاسة للمضاف إنما ثبت بالإجماع ، وهو مفقود في هذه الصورة ، فيصير بمنزلة المتيمم الواجد للماء في أثناء الصلاة.
وفيه نظر ، فان بعض الأخبار التي قدمناها في المسألة الأولى ظاهر بل صريح في النجاسة ، والدليل غير منحصر في الإجماع كما توهموه. ولا ريب ان الأخبار الدالة على المنع من استعمال المتنجس عامة لجميع الأحوال الى ان يظهر الرافع.
والحق في الجواب ان من شروط العمل بالاستصحاب عدم معارضة استصحاب آخر له ، ولا ريب ان استصحاب الطهارة في الماء المطلق هنا معارض ، ولا ترجيح لأحد الاستصحابين على الآخر فتساقطا ، ويرجع الى أصالة الطهارة العامة في جميع الأشياء وأصالة الحل. بل التحقيق في المقام ان يقال : انه لما كانت الأخبار دالة على ان الكر لا ينفعل بمجرد الملاقاة وانما ينفعل بتغير أوصافه بالنجاسة ، وقد اتفق الأصحاب على انه مطهر لما مازجه واستهلك فيه من النجاسة أو المتنجس ماء كان أو غيره ، وجب القول بطهارة ما نحن فيه ، لاندراجه تحت عموم تلك الأخبار ، واتفاق الأصحاب ، وتحقق الرافع لاستصحاب النجاسة (١) وخلاف من خالف في هذه المادة لا يثمر نقضا.
(أما أولا) ـ فلعدم الدليل بل الدليل على خلافه واضح السبيل.
و (اما ثانيا) ـ فلكون المخالف نفسه هنا أحد القائلين هناك ، فلا تقدح مخالفته هنا في الإجماع المدعى. وبالجملة فالظاهر ان الطهارة في الصورة المذكورة مما لا يحوم حولها الشك.
__________________
(١) فيه إشارة إلى انه لو تمسك الخصم بالاستصحاب فجوابه انه قد تحقق رافعه كما تقدم بيانه (منه رحمهالله).