العلة منع رجوع الغسالة. وهذا الخبر وان كان مجملا بالنسبة الى ذلك إلا ان الظاهر ـ كما قدمنا لك ـ ان ذلك مما استشعره الامام (عليهالسلام) من سؤال السائل كما يشعر به آخر الخبر ، ولا ينافي ذلك ظهور ما ادعاه في حسنة الكاهلي ورواية أبي بصير ، فان الظاهر ان هذا حكم آخر مرتب على علة أخرى غير ما تضمنته هذه الأخبار.
و (ثالثا) ـ ان ظاهر الخبر ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ إنما هو إزالة النجاسة الوهمية من الماء. وربما احتمل بعضهم بناء على ذلك ان المنضوح هو الماء ، وأيده أيضا بحسنة الكاهلي ورواية أبي بصير. ولا يخفى بعده وان قرب احتماله في الخبرين المذكورين.
وقيل بان محل النضح هو البدن ، وقد اختلف أيضا في وجه الحكمة على هذا القول على أقوال :
(منها) ـ ان الحكمة في ذلك هو ترطيب البدن قبل الغسل لئلا ينفصل عنه ماء الغسل كثيرا فلا يفي بغسله لقلة الماء.
وفيه (أولا) ـ ان ذلك وان احتمل بالنسبة الى الخبر المذكور لكنه لا يجري في خبر ابن مسكان والخبر المنقول عن جامع البزنطي (١) لظهورهما في كون العلة إنما هي خوف رجوع الغسالة. والظاهر ـ كما قدمنا الإشارة إليه ـ كون مورد الأخبار الثلاثة أمرا واحدا.
و (ثانيا) ـ انه يلزم من ذلك عدم جواب الامام (عليهالسلام) في الخبر المبحوث عنه عن استشكال السائل المتخوف من ورود السباع.
و (منها) ـ ان الحكمة ازالة توهم ورود الغسالة ، اما بحمل ما يرد على الماء على وروده مما نضح على البدن قبل الغسل الذي ليس من الغسالة ، واما انه مع الاكتفاء
__________________
(١) المتقدمين في الصحيفة ٤٦٠.