الماء المطلق عليه ، فيجوز شربه وازالة الخبث به.
وجملة من متأخري المتأخرين (١) أيدوا ذلك أيضا بأن أدلة نجاسة القليل بالملاقاة لا عموم لها بحيث تشمل ما نحن فيه ، وإنما كان التعدي عن الموارد المخصوصة التي وردت فيها الروايات الى بعض الصور لأجل الشهرة وعدم القول بالفصل ، وكلاهما مفقودان فيما نحن فيه ، فيبني على الأصل ، فيثبت جواز الطهارة والتناول.
وأنت خبير بما فيه ، بل الحق ان هذا الموضع مما خرج بالأخبار المتقدمة عن قاعدة نجاسة القليل بالملاقاة.
واستدل جملة من الأصحاب (رضوان الله عليهم) على الطهارة بلزوم الحرج والمشقة لو لم يكن كذلك ، والظاهر ان مرادهم الاستدلال على خروجه عن قاعدة نجاسة القليل بالملاقاة ، بمعنى انه لو حكم بنجاسته كغيره من افراد الماء القليل للزم الحرج من ذلك والمشقة ، لتكرره وعدم إمكان التحرز عنه ، لا ان مرادهم الاستدلال على الطهارة بالمعنى المقابل للعفو ، وحينئذ فلا يرد ما أورده الفاضل الخوانساري في شرح الدروس على شيخنا الشهيد الثاني في الروض ، حيث قال ـ بعد نقل الاستدلال عنه على الطهارة بان في الحكم بالنجاسة حرجا ومشقة ، لعموم البلوى ، وكثرة تكرره ودورانه ، بخلاف باقي النجاسات ـ ما لفظه : «وفيه ان الحرج على تقدير تسليمه إنما يرتفع بالعفو ولا يتوقف على طهارته ، إذ لا حرج في عدم جواز استعماله في رفع الخبث والتناول ، وهو ظاهر» انتهى.
وبالجملة فههنا مطلبان : (أحدهما) ـ الحكم بطهارته واستثنائه من عموم نجاسة القليل بالملاقاة. و (ثانيهما) ـ انه هل يثبت له حكم الطاهر بجميع موارده ، أم يخص بما دون التناول ورفع الخبث والحدث؟ واستدلال شيخنا الشهيد الثاني إنما هو
__________________
(١) منهم : المحقق الشيخ حسن في المعالم والفاضل الخوانساري في شرح الدروس وغيرهما (منه رحمهالله).