الأهل ، لأن السؤال من القرية لا يصح عقلا ، وحجية هذا القسم ظاهرة إذا كان الموقوف عليه مقطوعا به.
(الثاني) ـ ما لا يتوقف عليه صدق المعنى ولا صحته لكنه اقترن بحكم على وجه يفهم منه انه علة لذلك الحكم ، فيلزم حينئذ جريان الحكم المذكور في غير هذا المورد مما اقترن بتلك العلة ، ويسمى بدلالة التنبيه والإيماء ، نحو قوله (صلىاللهعليهوآله) : «أعتق رقبة» (١). حين قال له الأعرابي : واقعت أهلي في شهر رمضان. فإنه يفهم منه ان علة وجوب العتق هي المواقعة فتجب في كل موضع تحققت ، وكما إذا قيل له (عليهالسلام) : صليت مع النجاسة فقال : أعد صلاتك. فإنه يفهم منه ان علة الإعادة هي النجاسة ، فتجب الإعادة حينئذ في كل موضع تحققت النجاسة ، والظاهر حجيته مع علم العلية وعدم مدخلية خصوص الواقعة في ذلك. وهذا أحد قسمي تنقيح المناط ، واليه أشار المحقق في المعتبر حيث حكم بحجية تنقيح المناط القطعي ، وهو كذلك ، فان مدار الاستدلال في جل الأحكام الشرعية على ذلك ، إذ لو لوحظ خصوصية السائل أو الواقعة لم يثبت حكم كلي في مسألة شرعية إلا نادرا.
(الثالث) ـ ما لم يقصد عرفا من الكلام ولكنه يلزمه ، نحو قوله تعالى : «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» (٢) مع قوله سبحانه : «وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ» (٣) فإنه يعلم منه ان أقل مدة الحمل ستة أشهر ، والمقصود من الآية الأولى إنما هو بيان حق الوالدة وتعبها ، وفي الثانية بيان مدة الفصال ، ولكن قد لزم منهما بيان أقل الحمل ، وتسمى دلالة إشارة ، وحجيته ظاهرة مع قطعية اللزوم.
__________________
(١) هذا من حديث رواه في الوسائل عن الفقيه في باب ـ ٨ ـ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك من كتاب الصيام.
(٢) سورة الأحقاف آية ١٥.
(٣) سورة لقمان آية ١٤.