ثم بمخالفة العامة ، والثانية منهما قد اشتملت على الترجيح بالشهرة أولا ثم بالأعدلية والأوثقية ثم بمخالفة العامة ثم بالأحوطية ، ولم يذكر فيها الترجيح بموافقة القرآن ، كما لم يذكر في الأولى الترجيح بالأحوطية.
ويمكن الجواب (أولا) بأن يقال : ان الترتيب غير منظور فيهما ، لأنه في الحقيقة انما وقع في كلام السائل لا في كلامه (عليهالسلام) وغاية ما يفهم من كلامه (عليهالسلام) هو الترتيب الذكري. وهو لا يستدعي الترتيب في وقوع الترجيح ، وحينئذ فأي طريق اتفق من هذه الطرق عمل عليه ، وبذلك يندفع ما قيل : ان مقتضى مقبولة عمر بن حنظلة (١) ـ حيث قدم فيها الترجيح بالأعدلية والأوثقية ـ انه لا يصار الى غير الطريق المذكور إلا مع تعذر الترجيح به ، وهكذا باقي الطرق.
(لا يقال) : يلزم الاشكال لو تعارضت الطرق المذكورة : بأن كان أحد الخبرين مجمعا عليه مع موافقته للعامة والآخر غير مجمع عليه مع مخالفته لهم ، أو أحدهما موافقا للكتاب مع موافقته للعامة والآخر مخالفا للعامة وللكتاب.
(لأنا نقول) : غاية ما يلزم من ذلك خلو الروايتين المذكورتين عن حكم ذلك ، والمدعى إنما هو عدم دلالتهما على الترتيب في هذه الطرق لا الدلالة على عدم الترتيب واقعا أو الدلالة عليه. على انا نقول : انه مع القول بعدم المخالفة بين الاخبار والقرآن إذا كانت مخصصة له كما أسلفنا بيانه (٢) ، فلا نسلم وجود هذه الفروض المذكورة في أخبارنا المعمول عليها عندنا ، كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار وتصفح الأخبار بعين الاعتبار ، ومع إمكان وجود ذلك فيمكن ايضا القول بأنه متى تعارض طريقان من الطرق المذكورة. يصار الى الترجيح بغيرهما إن أمكن ، أو بهما مع اعتضاد أحدهما بمرجح آخر من تلك الطرق ان وجد ، وإلا صير الى التوقف والإرجاء أو التخيير.
__________________
(١) المتقدمة في الصحيفة ٩١.
(٢) في الصحيفة ٨٩ السطر ٧.