وحاصل هذا الوجه : انّ من فوائد نصب الإمام هو هداية الأُمّة وردّهم عن الإجماع على الباطل وإرشادهم إلى الحقّ ، فلو كان المجمع عليه باطلاً كان على الإمام ردّهم عن ذلك الاتّفاق بوجه من الوجوه. وهذا ما يسمّى بقاعدة اللطف.
وأمّا الثاني أي استكشاف قوله (عليهالسلام) بالملازمة العادية فيمكن تقريره بالنحوين التاليين :
الف : تراكم الظنون مورث لليقين
إنّ فتوى كلّ فقيه وإن كان يفيد الظن ولو بأدنى مراتبه ، إلّا أنّها تعزَّز بفتوى فقيه ثان فثالث ، إلى أن يحصل للإنسان اليقين من إفتاء جماعة على حكم القطعُ بالصحة ، إذ من البعيد أن يتطرق البطلان إلى فتوى جماعة كثيرين.
نقل المحقّق النائيني عن بعضهم : إنّ حجّيته لمكان تراكم الظنون من الفتاوى إلى حدّ يوجب القطع بالحكم كما هو الوجه في حصول القطع من الخبر المتواتر. (١)
ب : الاتّفاق كاشف عن دليل معتبر
إنّ حجّية الاتّفاق ليس لأجل إفادتها القطع بالحكم ، بل لأجل كشفه عن وجود دليل معتبر وصل إليهم ولم يصل إلينا ، وهذا هو الذي اعتمد عليه صاحب الفصول وقال : يستكشف قول المعصوم عن دليل معتبر باتّفاق علمائنا الذين كان ديدنهم الانقطاع إلى الأئمّة في الأحكام وطريقتهم التحرّز عن القول بالرأي والاستحسان.
__________________
(١). فوائد الأُصول : ١٤٩ / ٣