حُكْمنا ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك». (١)
وعلى ضوء ذلك فالشهرة العملية تكون سبباً لتقديم الخبر المعمول به على المتروك الشاذّ الذي لم يعمل به.
وهل يكون عمل الأصحاب المتقدّمين بالرواية جابراً لضعف سندها وإن لم يكن لها معارض؟
ذهب المشهور إلى أنّه جابر لها. نعم الجابر للضعف هو عمل المتقدّمين من الفقهاء الذين عاصروا الأئمة (عليهمالسلام) ، أو كانوا في الغيبة الصغرى ، أو بعدها بقليل كوالد الصدوق وولده والمفيد وغيرهم ، وأمّا المتأخّرون فلا عبرة بعملهم ولا إعراضهم ، وقد أوضحنا ذلك في محاضراتنا. (٢)
وأمّا الثالثة ، فهي عبارة عن اشتهار الفتوى في مسألة لم ترد فيها رواية وهي التي عقدنا البحث لأجله ، مثلاً إذا اتّفق المتقدّمون على حكم في مورد ، ولم نجد فيه نصاً من أئمّة أهل البيت (عليهمالسلام) يقع الكلام في حجّية تلك الشهرة الفتوائية وعدمها.
والظاهر حجّية مثل هذه الشهرة ، لأنّها تكشف عن وجود نص معتبر وصل إليهم ولم يصل إلينا حتى دعاهم إلى الإفتاء على ضوئه ، إذ من البعيد أن يُفتي أقطاب الفقه بشيء بلا مستند شرعي ودليل معتدّ به ، وقد حكى سيد مشايخنا المحقّق البروجردي في درسه الشريف أنّ في الفقه الإمامي مسائل كثيرة تلقّاها الأصحاب قديماً وحديثاً بالقبول ، وليس لها دليل إلّا الشهرة الفتوائية بين
__________________
(١). الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١. وقد رواها المشايخ الثلاثة في جوامعهم وتلقّاها الأصحاب بالقبول. ولذلك سمّيت بالمقبولة.
(٢). المحصول في علم الأُصول : ٢٠٧ / ٣ ٢٠٨.