لا يَعْلَمُونَ). (١) والنظر الحاسم في المقام هو : إنّ استخدام المصالح المرسلة في مجال الإفتاء يتصوّر على وجوه :
الأوّل : الأخذ بالمصلحة وترك النصّ بالمصلحة المزعومة ، وهذا نظير إمضاء الطلاق ثلاثاً ، ثلاثاً.
روى مسلم عن ابن عباس كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناها عليهم ، فأمضاه عليهم. (٢)
لا شكّ أنّ الخليفة صدر في حكمه هذا عن مصلحة تخيّلها ، ولكنّ هذا النوع من الاستصلاح رفض للنصّ في موردها ، وهو تشريع محرّم.
وعلى هذا نهى الخليفة عن متعة الحج ومتعة النساء ، والحيعلة في الأذان.
الثاني : إذا كان الحكم على وفق الاستصلاح مخالفاً لإطلاق الدليل كما هو الحال في منع إعطاء المؤلّفة قلوبهم ، فإنّ مقتضى إطلاق الآية كونهم من مصارف الزكاة ، سواء أكان للإسلام قوّة أم لا ، فتخصيص الحكم بحالة ضعف الإسلام تقديم للرأي على إطلاق الكتاب ، وقد مرّ عن الإمام مالك أنّ من شرائط العمل بالاستصلاح عدم مخالفته لإطلاق أُصول الشرع.
الثالث : أن يكون الحكم على وفق المصلحة مستلزماً لإدخال ما ليس من الدين في الدين ، فيكون تشريعاً محرّماً بالأدلّة الأربعة ، وقد عرفت أنّ من الشرائط
__________________
(١). يوسف : ٤٠.
(٢). صحيح مسلم : ١٨٣ / ٤ ، باب الطلاق الثلاث ، الحديث ١.