قال الفتح رحمه الله تعالى في ترجمة الوزير أبي الوليد بن زيدون ، ما صورته (١) : وأخبرني الوزير الفقيه أبو الحسين (٢) بن سراج رحمه الله تعالى أنه في وقت فراره أضحى ، غداة الأضحى ، وقد ثار به الوجد بمن كان يألفه والغرام ، وتراءت لعينيه تلك الظّباء الأوانس والآرام ، وقد كان الفطر وافاه ، والشقاء قد استولى على رسم عافيته حتى أعفاه (٣) ، فلما عاده منهما ما عاد ، وأعياه ذلك النكد المعاد ، استراح إلى ذكر عهده الحسن ، وأراح جفونه المسهّدة بتوهم ذلك الوسن ، وذكر معاهد كان يخرج إليها في العيد ، ويتفرج بها مع أولئك الغيد ، فقال (٤) : [الطويل]
خليليّ لا فطر يسرّ ولا أضحى |
|
فما حال من أمسى مشوقا كما أضحى |
لئن شاقني شرق العقاب فلم أزل |
|
أخصّ بممحوض الهوى ذلك السّفحا(٥) |
وما انفكّ جوفيّ الرّصافة مشعري |
|
دواعي بثّ يعقب الأسف البرحا |
ويهتاج قصر الفارسيّ صبابة |
|
لقلبي لا يألو زناد الأسى قدحا |
وليس ذميما عهد محبس ناصح |
|
فأقبل في فرط الولوع به نصحا(٦) |
كأنّي لم أشهد لدى عين شهدة |
|
نزال عتاب كان آخره الفتحا |
وقائع جانيها التّجنّي فإن مشى |
|
سفير خضوع بيننا أكّد الصّلحا |
وأيّام وصل بالعقيق اقتضيته |
|
فإن لم يكن ميعاده العيد فالفصحا |
وآصال لهو في مسنّاة مالك |
|
معاطاة ندمان إذا شئت أو سبحا |
لدى راكد تصبيك من صفحاته |
|
قوارير خضر خلتها مرّدت صرحا |
معاهد لذّات وأوطان صبوة |
|
أجلت المعلّى في الأماني بها قدحا |
ألا هل إلى الزّهراء أوبة نازح |
|
تقضّى تنائيها مدامعه نزحا |
مقاصير ملك أشرقت جنباتها |
|
فخلنا العشايا الجون أثناءها صبحا |
يمثّل قرطيها لي الوهم جهرة |
|
فقبّتها فالكوكب الرّحب فالسّطحا (٧) |
__________________
(١) قلائد العقيان ص ٧٢.
(٢) في ج : أبو الحسن.
(٣) في ب ، ه : حتى عفاه.
(٤) ديوان ابن زيدون ، طبعة صادر ص ٢١.
(٥) العقاب : اسم مكان في قرطبة. وممحوض الهوى : خالصه وصافيه.
(٦) في ب : عهد مجلس.
(٧) في ب : الوهم جمرة .. فالكوكب الجون ..