غزالك تفرق منه اللّيوث |
|
وتفزع منه كماة المصاع(١) |
فولّت وللمسك في ذيلها |
|
على الأرض خطّ كظهر الشّجاع(٢) |
انتهى المقصود منه.
رجع ـ ومما ينخرط في سلك أخبار الزهراء ما حكاه الفتح في ترجمة المعتمد بن عباد إذ قال (٣) : وأخبرني الوزير الفقيه أبو الحسين (٤) بن سراج أنه حضر مع الوزراء والكتاب بالزهراء في يوم قد غفل عنه الدهر فلم يرمقه بطرف ، ولم يطرقه بصرف ، أرّخت به المسرات عهدها ، وأبرزت له الأماني خدّها ونهدها (٥) وأرشفت فيه لماها ، وأباحت للزائرين حماها ، وما زالوا ينتقلون (٦) من قصر إلى قصر ، ويبتذلون الغصون بجنى وهصر ، ويتوقّلون في تلك الغرفات ، ويتعاطون الكؤوس بين تلك الشّرفات ، حتى استقروا بالروض من بعد ما قضوا من تلك الآثار أوطارا ، ووفروا بالاعتبار (٧) قطارا ، فحلوا منها في درانك ربيع مفوّفة بالأزهار ، مطرّزة بالجداول والأنهار ، والغصون تختال في أدواحها ، وتتثنى في أكف أرواحها ، وآثار الديار قد أشرفت عليهم كثكالى ينحن على خرابها ، وانقراض أترابها (٨) وأطرابها ، والوهى بمشيدها لاعب ، وعلى كل جدار غراب ناعب ، وقد محت الحوادث ضياءها ، وقلصت ظلالها وأفياءها ، وطالما أشرقت بالخلائف وابتهجت ، وفاحت من شذاهم وتأرّجت (٩) ، أيام نزلوا خلالها ، وتفيؤوا ظلالها ، وعمروا حدائقها وجنّاتها ، ونبهوا الآمال من سناتها (١٠) ، وراعوا الليوث في آجامها ، وأخجلوا الغيوث عند انسجامها ، فأضحت ولها بالتداعي تلفّع واعتجار ، ولم يبق من آثارها إلا نؤي وأحجار ، قد وهت قبابها ، وهرم شبابها ، وقد يلين الحديد ، ويبلى ، على طيه الجديد ، فبينما هم يتعاطونها صغارا وكبارا ،
__________________
(١) في ه : وتنصاع منه كماة المصاع. وتفرق : تخاف. والليوث : الأسود. والمصاع : المضاربة بالسيوف.
(٢) الشجاع : نوع من الحيات.
(٣) قلائد العقيان ص ١٠.
(٤) في قلائد : أبو الحسن بن سراج.
(٥) ونهدها : غير موجودة في ب.
(٦) في ب : وما زالوا ينقلون.
(٧) في ب : وأوقروا بالاعتبار.
(٨) أترابها و : غير موجودة في ب.
(٩) في ب ، ه : وأرجت.
(١٠) السنات : جمع سنة ، بكسر السين وفتح النون : أول النوم.