ومن نظمه قوله : [الكامل]
ما طال عهدي بالدّيار ، وإنّما |
|
أنسى معاهدها أسى وتبلّد |
لو كنت أنبأت الدّيار صبابتي |
|
رقّ الصّفا بفنائها والجلمد |
وله في المعتضد بن عباد والد المعتمد : [مخلع البسيط]
عبّاد استعبد البرايا |
|
بأنعم تبلغ النّعائم |
مديحه ضمن كل قلب |
|
حتى تغنت به الحمائم |
ومن أشهر نظمه قوله :
إذا كنت أعلم ـ البيتين ، وقد سبقا
وممن ذكره أيضا الحجاري في المسهب ، وابن بشكوال في الصّلة ، وأنه حج أربع حجج ، رحمه الله تعالى! وتوفي في المريّة لإحدى عشرة بقيت من رجب ، وقيل : ليلة الخميس تاسع رجب ، وقيل (١) : تاسع عشر صفر ، سنة أربع وسبعين وأربعمائة.
ومن تواليفه «المنتقى ، في شرح الموطأ» ذهب فيه مذهب الاجتهاد وإيراد الحجج ، وهو مما يدل على تبحره في العلوم والفنون (٢) ، ولما قدم من المشرق إلى الأندلس بعد ثلاثة عشر عاما وجد ملوك الطوائف أحزابا مفترقة ، فمشى بينهم في الصلح ، وهم يجلّونه في الظاهر (٣) ، ويستثقلونه في الباطن ، ويستبردون نزعته ، ولم يفد شيئا ، فالله تعالى يجازيه عن نيته. ولما ناظر ابن حزم قال له الباجي : أنا أعظم منك همة في طلب العلم ، لأنك طلبته وأنت معان عليه (٤) تسهر بمشكاة الذهب وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق ، فقال ابن حزم : هذا الكلام عليك لا لك ، لأنك إنما طلبت العلم وأنت في تلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي ، وأنا طلبته في حين ما تعلمه وما ذكرته ، فلم أرج به إلا علوّ القدر العلمي في الدنيا والآخرة ، فأفحمه.
قال عياض : قال لي أصحابه : كان يخرج إلينا للإقراء ، وفي يده أثر المطرقة ، إلى أن فشا علمه ونوهت الدنيا به (٥) ، وعظم جاهه ، وأجزلت صلاته (٦) ، حتى مات عن مال وافر ، وكان يستعمله الأعيان في ترسّلهم ، ويقبل جوائزهم ، وولي القضاء بمواضع من الأندلس.
وابن حزم المذكور هو أبو محمد بن حزم الظاهري ، قال ابن حيان وغيره : كان ابن حزم
__________________
(١) في ه : ليلة الخميس تاسع عشر صفر.
(٢) في ب ، ه : على تبحّره في الفنون.
(٣) يجلّونه : يعظمونه ويحترمونه.
(٤) عليه : ساقطة من ه.
(٥) نوهت الدنيا به : أي شهرته ، ورفعت ذكره.
(٦) الصلات : جمع صلة ، وهي العطية.