يهرب عنّك خائف |
|
ويبقى مريب |
وامش أنت موقر |
|
كأنك خطيب |
دور
ما أعجب حديثي |
|
إيش هذا الجنون |
نطلب وندبّر |
|
أمرا لا يكون |
وكم ذا نهوّن |
|
شيئا لا يهون |
وإيش مقدار ما نصبر |
|
لبعد الحبيب(٢) |
ربّ اجمعني معو |
|
عاجلا قريب |
قال ابن سعيد : وأما نهر قرطبة فإنه يصغر عن عظمه عند إشبيلية ، بحيث صنع عليه قنطرة من حجارة لا يتأتي مثلها في نهر إشبيلية ، ومنبعه من جهة شقورة (٣) يمرّ النصف منه إلى مرسية مشرقا والنصف إلى قرطبة وإشبيلية مغربا.
ولما ذكر الرازي قرطبة قال : ونهرها الساكن في جريه ، اللين في انصبابه ، الذي تؤمن مغبة ضرره في حمله.
وقال هذا لأنه يعظم عند إشبيلية ، فإذا حان حمله في أيام الأمطار أشفت إشبيلية على الغرق ، وتوقع أهلها الهلاك.
والقنطرة التي على هذا النهر عند قرطبة من أعظم آثار الأندلس وأعجبها ، أقواسها سبعة عشر قوسا ، وبانيها على ما ذكره ابن حيّان وغيره السّمح بن مالك الخولاني صاحب الأندلس بأمر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وشيدها بنو أمية بعد ذلك وحسنوها ، قال ابن حيان : وقيل : إنه قد كانت في هذا المكان قنطرة من بناء الأعاجم قبل دخول العرب بنحو مائتي سنة أثّرت فيها الأزمان بمكابدة المدود (٤) حتى سقطت حناياها ، ومحيت أعاليها ، وبقيت أرجلها وأسافلها ، وعليها بنى السّمح في سنة إحدى ومائة ، انتهى.
وقال في مناهج الفكر : إن قنطرة قرطبة إحدى أعاجيب الدنيا ، بنيت زمن عمر بن
__________________
(١) في ب : إشّ هذا.
(٢) في ب : وإش مقدار.
(٣) شقورة : مدينة من أعمال جيان بالأندلس (انظر صفة جزيرة الأندلس ص ١٠٥).
(٤) المدود : جمع مدّ ؛ وهو ارتفاع ماء النهر.